(سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة)
فِي ثَانِي الْمحرم: وصل السُّلْطَان من دمشق. وَاشْتَدَّ الغلاء بِدِمَشْق فبلغت الغرارة الْقَمْح أَرْبَعمِائَة وَخمسين درهما فضَّة وَهلك خلق كثير من الْجُوع. وَفِيه سَار قرابغا مقدم التتار من بَغْدَاد - وَكَانَ قد اسْتَخْلَفَهُ هولاكو عَلَيْهَا عِنْد عوده إِلَى بِلَاد الشرق - يُرِيد لِقَاء الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر بِاللَّه ومحاربته فنهب الأنبار وَقتل جَمِيع من فِيهَا وتلاحقت بِهِ بَقِيَّة التتار من بَغْدَاد. ولقبهم الْخَلِيفَة وَقد رتب عسكره: فَجعل التركمان وَالْعرب جناحي الْعَسْكَر واختص جمَاعَة جعلهم فِي الْقلب وَحمل بِنَفسِهِ على التتار فَكسر مقدمتهم وخذله الْعَرَب والتركمان فَلم يقاتلوا وَخرج كمين للتتار ففر الْعَرَب والتركمان وأحاط التتار بِمن بَقِي مَعَه فَلم يفلت مِنْهُم سوى الْأَمِير أبي الْعَبَّاس أَحْمد الَّذِي قدم إِلَى مصر وتلقب بالحاكم بِاللَّه والأمير نَاصِر الدّين بن مهنا والأمير نَاصِر الدّين بن صيرم والأمير سَابق الدّين بوزبا الصَّيْرَفِي والأمير أَسد الدّين مَحْمُود فِي نَحْو الْخمسين من الأجناد. وَلم يعرف للخليفة خبر: فَيُقَال قتل بالمعركة فِي ثَالِث الْمحرم وَيُقَال بل نجا مجروحاً فِي طَائِفَة من الْعَرَب فَمَاتَ عِنْدهم. وَكَانَت هَذِه الْوَاقِعَة فِي الْعشْر الأول من الْمحرم فَكَانَت خِلَافَته دون السّنة وَبَلغت نَفَقَة الْملك الظَّاهِر على الْخَلِيفَة والملوك المواصلة ألف ألف دِينَار وَسِتِّينَ ألف دِينَار عينا. وَاسْتقر الْملك الصَّالح عماد الدّين إِسْمَاعِيل بن بدر الدّين لُؤْلُؤ فِي مَمْلَكَته بالموصل وَسَار أَخَوَاهُ إِسْحَاق وَعلي إِلَى الشَّام خوفًا من التتار وقدما على السُّلْطَان بقلعة الْجَبَل فأبر مقدمهما وسألاه فِي تجهيز نجدة لأخيهما فرسم السُّلْطَان بتجريد الْأَمِير شمس الدّين سنقر الرُّومِي فِي جمَاعَة من البحرية وَالْحَلقَة وَسَارُوا من الْقَاهِرَة فِي رَابِع جُمَادَى الأولى. وَكتب إِلَى دمشق بِخُرُوج عسكرها صُحْبَة الْأَمِير عَلَاء الدّين الْحَاج طيبرس فَسَار العسكران من دمشق فِي عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة. وفوض السُّلْطَان وزارة دمشق لعز الدّين عبد الْعَزِيز بن ودَاعَة. وتسلم نواب السُّلْطَان قلعة البيرة. وَوَقع الصُّلْح بَين السُّلْطَان وَبَين الْملك المغيث صَاحب الكرك. وباشر السُّلْطَان عرض عَسَاكِر مصر بِنَفسِهِ وحلفهم لوَلِيّ عَهده الْملك السعيد نَاصِر الدّين خاقَان بركَة خَان. وَفِي يَوْم الْأَحَد ثَانِي عشري صفر: وصل الْأَمِير أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الَّذِي تلقب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute