العساكر، فَلَمَّا قاربته رَحل وَهِي فِي إثره إِلَى عانة والحديثة من الْعرَاق، فجفلت أهل الْبِلَاد. وَبلغ ذَلِك جوبان نَائِب خربندا ملك التتار، فَظن أَن السُّلْطَان قد نقض الصُّلْح وَيُرِيد أَخذ الْعرَاق، فانزعج لذَلِك إِلَى أَن بلغه مَجِيء الْعَسْكَر بِسَبَب الْعَرَب، وَأَنه لم يَتَعَدَّ عانة وَلَا تعرض لزرع الْبِلَاد وَلَا كرومها، فسكن مَا بِهِ. وَرجع الْعَسْكَر عَن عانة إِلَى ضَيْعَة تعرف بالعنقاء من ضيَاع مهنا، وَأخذ مَا كَانَ بهَا من الْمغل، وَسَار كَذَلِك إِلَى ضيَاع مهنا حَتَّى وصل الرحبة، وَقد حمل الغلال إِلَيْهَا. فَبعث السُّلْطَان إِلَى قجليس بِعُود العساكر إِلَى بلادها، وإقامته على سلمية إِلَى أَن يخزن مغلها بقلعة حلب، فاعتمد ذَلِك وَأقَام حَتَّى استغل سلمية، وَعَاد قجليس إِلَى الْقَاهِرَة فأخلع عَلَيْهِ. وفيهَا خرج عَسْكَر من الْقَاهِرَة فِي أول ذِي الْقعدَة: فِيهِ من الْأُمَرَاء سيف الدّين بكتمر البوبكري السِّلَاح دَار وَإِلَيْهِ تقدمه الْعَسْكَر وقلى السِّلَاح دَار، وَعلم الدّين سنجر الجمقدار، وركن الدّين بيبرس الْحَاجِب، وبكتمر البوبكري الجمدار، وَبدر الدّين مُحَمَّد بن الوزيري، وأيتمش المحمدي، بمضافيهم من الْأُمَرَاء ومقدمي الْحلقَة والأجناد. وَكتب لنائب الشَّام الْأَمِير تنكز بِالْمَسِيرِ مَعَهم بعسكر دمشق، وَأَن يكون الْمُقدم على جَمِيع العساكر، وَكتب بِخُرُوج عَسَاكِر حماة وحلب وطرابلس، وَأشيع أَن ذَلِك لغزو سيس. فوصل عَسْكَر مصر إِلَى دمشق فِي عشريه، وَأقَام بهَا حَتَّى انْقَضتْ السّنة. واتفقت حَادِثَة غَرِيبَة بِالْقَاهِرَةِ: وَهُوَ أَن رجلا من سكان الحسينية يُقَال لَهُ عَليّ بن السَّارِق ركب فِي يَوْم الْجُمُعَة فرسا وَبِيَدِهِ سَيْفه، وشق الْقَاهِرَة فَمَا وجد بهَا يَهُودِيّا وَلَا نَصْرَانِيّا إِلَّا ضربه، فجرح جمَاعَة، وَقطع أَيدي جمَاعَة، وشج جمَاعَة، ثمَّ أمسك خَارج بَاب زويلة، وَضرب عُنُقه.
وَمَات فِيهَا مِمَّن لَهُ ذكر
رشيد الدّين إِسْمَاعِيل بن عُثْمَان الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ، بِمصْر فِي رَجَب عَن إِحْدَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute