ابْن جنكز خَان ملك التتار بِبِلَاد الشمَال، أَقَامَ فِي الْملك مُدَّة ثَلَاث وَعشْرين سنة، وَكَانَ يعبد الْأَصْنَام على دين البخشية، وَملك بعده أزبك خَان بن طغرل بن منكوتمر بن طغان. وفيهَا اهتم السُّلْطَان بعمارة جسور نواحي أَرض مصر وترعها وَندب الْأَمِير عز الدّين أيدمر الخطيري إِلَى الشرقية، والأمير عَلَاء الدّين أيدغدي شقير إِلَى البهنساوية، والأمير شرف الدّين حُسَيْن بن حيدر إِلَى أسيوط ومنلفوط والأمير سيف الدّين آقول الْحَاجِب إِلَى الغربية، والأمير سيف الدّين قلي أَمِير سلَاح إِلَى الطحاوية وبلاد الأشمونين، والأمير بدر الدّين جنكلي بن البابا إِلَى القليوبية، والأمير عَلَاء الدّين التليلي إِلَى الْبحيرَة، والأمير بدر الدّين بكتوت الشمسي إِلَى الفيوم، والأمير سيف الدّين بهادر المعزي إِلَى إحميم، والأمير بهاء الدّين أصلم إِلَى قوص. وفيهَا قدم الْأُمَرَاء المجردون إِلَى الْحجاز: وَكَانَ من خبرهم أَنهم لما وصلوا صُحْبَة الْحَاج من السّنة الْمَاضِيَة فر الشريف حميضة نَحْو الْيمن، وَأقَام بلحى بني يَعْقُوب: فَلَمَّا انْقَضى الْمَوْسِم وَخرج الْحَاج أَقَامَ الْأَمِير طقصبا المغربي بالمعسكر حَتَّى رتب الشريف أَبَا الْغَيْث فِي إِمَارَة مَكَّة، وَلم يزل مُقيما مَعَه مُدَّة شَهْرَيْن بعد انْقِضَاء الْحَج. وَلم تمطر تِلْكَ السّنة بِمَكَّة وَقل الجلب، فكثرت كلف العسكرن وَاحْتَاجَ طقصبا إِلَى السّفر. فَأشْهد عَلَيْهِ أَبُو الْغَيْث أَنه أذن لَهُ فِي السّفر، وَكتب بذلك إِلَى السُّلْطَان. فَلم يكن بعد توجه الْعَسْكَر من مَكَّة غير قَلِيل حَتَّى جمع حميضة وَقدم، ففر مِنْهُ أَبُو الْغَيْث إِلَى هُذَيْل بوادي نَخْلَة، وَملك (حميضة) مِنْهُ مَكَّة، وَبعث حميضة إِلَى السُّلْطَان الْقود اثْنَي عشر فرسا وكتابا، وَهُوَ يترفق ويبذل الطَّاعَة وَيعْتَذر؛ فَلم يقبل مِنْهُ الْعذر، وَحبس رَسُوله. وفيهَا توجه الْأَمِير قجلس لقبض مَال سودي نَائِب حلب وكشف أَخْبَار مهنا، فَأَشَارَ تنكز نَائِب الشَّام بِإِخْرَاج مهنا من الْبِلَاد وَأَن عَسْكَر الشَّام يَكْفِيهِ، فَبَطل أَمر التجريدة من مصر. وجرد من الشَّام الْحَاج أرقطاي وكجكن، وَمن حماة ألف فَارس مَعَ عَسْكَر طرابلس وحلب، وَخرج طلب قجليس من الْقَاهِرَة ليَكُون مقدم العساكر، فاجتمعت عِنْده العساكر والعربان بحلب. وَبلغ ذَلِك مهنا فأجمع على الرحيل، وسارت إِلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute