للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة خمس وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَدخلت سنة خمس وتسعن وَخَمْسمِائة والعادل مضايق مَدِينَة ماردين والمعز صَاحب الْيمن قد تجهز يُرِيد مَكَّة والعزيز صَاحب مصر قد سَار إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة من آخر ذِي الْحجَّة. فتصيد الْعَزِيز إِلَى سَابِع الْمحرم وركض خلف ذِئْب فَسقط عَن فرسه ثمَّ ركب وَقد حم فَدخل الْقَاهِرَة يَوْم عَاشُورَاء فَلم يزل لما بِهِ حَتَّى مَاتَ منتصف لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين مِنْهُ وَدفن بجوار قبر الشَّافِعِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ. وَكَانَ عمره سبعا وَعشْرين سنة وأشهراً وَمُدَّة ملكه سِتّ سِنِين تنقص شهرا وَسِتَّة أَيَّام. وَكَانَ ملكا كَرِيمًا عادلاً رحِيما حسن الْأَخْلَاق شجاعاً سريع الانقياد مفرط السخاء. سمع الحَدِيث من السلَفِي وَابْن عَوْف وَابْن بَرى وَحدث. وَكَانَت الرّعية تحبه محبَّة كَثِيرَة وَكَانَ يعْطى الْعشْرَة آلَاف دِينَار وَيعْمل سماطاً عَظِيما يجمع النَّاس لأكله فَإِذا جَلَسُوا للْأَكْل كره مِنْهُم أكله وَلَا يطيب لَهُ ذَلِك وَهَذَا من غرائب الْأَخْلَاق. وفيهَا عظمت الْفِتْنَة فِي عَسْكَر غياث الدّين مُحَمَّد بن بهاء الدّين سَام ملك الغورية وسببها أَن الإِمَام فَخر الدّين مُحَمَّد بن عمر الرَّازِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي الْمَشْهُور كَانَ قد بَالغ غياث الدّين فِي إكرامه وَبنى لَهُ مدرسة بِقرب جَامع هراة ومعظم أَهلهَا كرامية. فاجمعوا على مناظرته وتجمعوا عِنْد غياث الدّين مَعَه وَكَبِيرهمْ القَاضِي مجد الدّين عبد الْمجِيد بن عمر بن الْقدْوَة. فَتكلم الإِمَام فَخر الدّين مَعَ ابْن الْقدْوَة واستطال عَلَيْهِ وَبَالغ فِي شَتمه وَهُوَ لَا يزجو على أَن يَقُول: لَا يفعل مَوْلَانَا لَا أخذك الله اسْتغْفر الله. فَغَضب الْملك ضِيَاء الدّين لَهُ وَنسب الإِمَام الرَّازِيّ إِلَى الزندقة وَمذهب الفلاسفة. وَقَامَ من الْغَد ابْن عمر بن الْقدْوَة بالجامع وَقَالَ فِي خطبَته.

٧ - (رَبنَا آمنا بِمَا أنزلت وَاتَّبَعنَا الرَّسُول فاكتبنا مَعَ الشَّاهِدين)

. أَيهَا النَّاس إِنَّا لَا نقُول إِلَّا مَا صَحَّ عندنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>