للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَدفع لكل وَاحِد سِتّمائَة دِرْهَم فهرب أَكْثَرهم لما علمُوا بوصول التتار الْفُرَات وَذهب المَال وَلم يجد نفعا. واستخدم السُّلْطَان بِمصْر عدَّة كَبِيرَة من أهل الصَّنَائِع وَنَحْوهم. وَنزل الْأُمَرَاء فِي الخيم. بميدان القبق لعرض الْعَسْكَر بخيولهم ورماحهم حَتَّى تعْتَبر أَحْوَالهم وعرضوا فِي كل يَوْم عشرَة مقدمين من الْحلقَة. بمضافيهم فَقطعُوا يَسِيرا مِنْهُم ثمَّ أَبقوا الْجَمِيع لما داجى عَلَيْهِم المقدمون فِي أَمر الْجند حَتَّى اقروا من هُوَ دخيل فيهم. وأنهوا الْعرض فِي عشْرين يَوْمًا ورميت الإقامات. وَهَذَا وَقد امْتَلَأت أَرض مصر بالجفلى من الْبِلَاد الشامية ورخصت الأسعار عِنْد قدومهم حَتَّى أبيع وَخرج السُّلْطَان من القلعة يَوْم السبت ثَالِث عشر صفر إِلَى الريدانية خَارج الْقَاهِرَة وتلاحقت بِهِ الْأُمَرَاء والعساكر فَسَار إِلَى غَزَّة وَأقَام بهَا يَوْمَيْنِ.

(فورد الْخَبَر)

بمسير غازان بعد عبوره من الْفُرَات إِلَى نَحْو أنطاكية وَقد جفل النَّاس بَين يَدَيْهِ. وخلت بِلَاد حلب وفر قرا سنقر نائبها إِلَى حماة وبرز كتبغا نَائِب حماة ظَاهرهَا فِي ثَانِي عشرى ربيع الأول وَوصل إِلَيْهِم عَسَاكِر مصر وَالشَّام فأقاموا خَارج حماة. وَأمر السُّلْطَان الجيوش بِالْمَسِيرِ من غَزَّة فَوَقع الرحيل إِلَى العوجاء. وَأصَاب الْعَسْكَر فِيهَا شَدَائِد من الأمطار الَّتِي توالت أحدا وَأَرْبَعين يَوْمًا حَتَّى عدم فِيهَا الْوَاصِل وَاشْتَدَّ الغلاء. وأضعف الْبرد الدَّوَابّ والغلمان وَبلغ الْحمل التِّبْن إِلَى أَرْبَعِينَ درهما والعليقة الشّعير ثَلَاثَة دَرَاهِم وَالْخبْز كل ثَلَاثَة أرغفة بدرهم وَاللَّحم كل رَطْل بِثَلَاثَة دَرَاهِم. وعقب الْمَطَر سيل عَظِيم أتلف مُعظم الأثقال وَمَات جمَاعَة من الغلمان وَأَرْبَعَة من الْجند لشدَّة الْبرد. ثمَّ وَقع الرحيل فِي الأوحال الْعَظِيمَة. فَقدم الْبَرِيد من حلب بِأَن غازان توجه من جبال أنطاكية إِلَى جبال السماق وَأَنه عَاد على قُرُون حماة وشيزر فنهب وسبى عَظِيما وَأخذ مَالا كَبِيرا من

<<  <  ج: ص:  >  >>