للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْمَوَاشِي وَغَيرهَا وَأَنه قصد التَّوَجُّه إِلَى دمشق فَأرْسل الله عَلَيْهِ ثلوجاً وأمطاراً لم يعْهَد مثلهَا وَوَقع فِي خُيُول عساكره وجمالهم الموتان حَتَّى كَانَت عدَّة جشار غازان اثنى عشر ألف فرس فَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا نَحْو الألفي فرس وَبَقِي مُعظم عساكره بِغَيْر خُيُول فَرجع وَأَكْثَرهم مرتدفون بَعضهم بَعْضًا وَأَن غازان خَاضَ الْفُرَات فِي حادي عشر جُمَادَى الأولى فسر النَّاس سُرُورًا عَظِيما. وَسَار الْأَمِير سيف الدّين بكتمر السِّلَاح دَار بمضافيه والأمير بهاء الدّين يعقوبا بمضافيه إِلَى حلب فِي ألفي فَارس لتَكون السمعة وتطمئن أهل الْبِلَاد وَعَاد السُّلْطَان بِبَقِيَّة العساكر إِلَى مصر سلخ ربيع الآخر. وَاسْتقر الْأَمِير سيف الَّذين بدخاص فِي نِيَابَة صفد عوضا عَن كراي لاستعفائه مِنْهَا وأنعم على كراي بإقطاع الْأَمِير بلبان الطباخي بعد مَوته وَاسْتقر بلبان الجوكندار حَاجِب دمشق شاد الدَّوَاوِين بهَا. فَقدم الْعَسْكَر إِلَى دمشق فِي سَابِع جُمَادَى الأولى وَقدم السُّلْطَان قلعة الْجَبَل فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ حادي عشر. وَكَانَ النَّاس لما بَلغهُمْ بِدِمَشْق عود السُّلْطَان إِلَى مصر اشْتَدَّ خوفهم وَخرج معظمهم يُرِيدُونَ الْقَاهِرَة وَنُودِيَ بِدِمَشْق فِي تَاسِع جُمَادَى الأولى: من أَقَامَ بِدِمَشْق بعد هدا النداء فدمه فِي عُنُقه وَمن عجز عَن السّفر فليتحصن بقلعه دمشق فَخرج بَقِيَّة النَّاس على وُجُوههم. وغلت الأسعار بِدِمَشْق حَتَّى أبيعت الغرارة الْقَمْح بثلاثمائة دِرْهَم والرطل اللَّحْم بِتِسْعَة دَرَاهِم فَلَمَّا خرج الجفل نزلت الغرارة إِلَى مِائَتي دِرْهَم. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَة: كثر الإرجاف بِعُود التتر وَقد خلت الْبِلَاد الشامية من أَهلهَا ونزحوا إِلَى مصر. وَفِي رَجَب: كَانَت وقْعَة أهل الذِّمَّة: وهى أَنهم كَانُوا قد تزايد ترفهم بِالْقَاهِرَةِ ومصر وتفننوا فِي ركُوب الْخَيل المسومة والبغلات الرائعة بالحلي الفاخرة ولبسوا الثِّيَاب السّريَّة وولوا الْأَعْمَال الجليلة. فاتفق قدوم وَزِير ملك الْمغرب يُرِيد الْحَج وَاجْتمعَ بالسلطان والأمراء وبينما هُوَ تَحت القلعة إِذا بِرَجُل رَاكب فرسا وَحَوله عدَّة من النَّاس مشَاة فِي ركابه يَتَضَرَّعُونَ لَهُ ويسألونه ويقبلون رجلَيْهِ وَهُوَ معرض عَنْهُم لَا يعبأ بهم بل ينهرهم ويصيح فِي غلمانه بطردهم. فَقيل للمغربي أَن هَذَا الرَّاكِب نَصْرَانِيّ فشق عَلَيْهِ وَاجْتمعَ بالأميرين بيبرس وسلار وحدثهما بِمَا رَآهُ وَأنكر ذَلِك وَبكى بكاء كثيرا وشنع فِي أَمر النَّصَارَى وَقَالَ: كَيفَ ترجون النَّصْر وَالنَّصَارَى تركب عنْدكُمْ الْخُيُول وتلبس العمائم الْبيض وتذل الْمُسلمين وتشبههم فِي خدمتكم

<<  <  ج: ص:  >  >>