للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهدموا جانبًا من سور الميدان وعبروه. فَنزل طَائِفَة من الأشرفية وقاتلوهم حَتَّى أخرجوهم مِنْهُ. فحال بَينهم اللَّيْل وَبَاتُوا على حذر وَقد طرق الأشرفية الزردخاناه بالقلعة وَأخذُوا من السِّلَاح شَيْئا كثيرَا ونصبوا مكاحل النفط على سور القلعة وغدوا على حربهم يَوْم السبت فَهَلَك ببنهم من الْعَامَّة بالنشاب والأسهم الخطائية جمَاعَة. هَذَا والقضاة وَغَيرهم تردد بَينهم فِي إخماد الْفِتْنَة بإرسال أَرْبَعَة نفر إِلَى الْأَمِير الْكَبِير مِنْهُم جكم خَال السُّلْطَان إِلَى أَن أذعنوا لذَلِك بعد إمتناع كثير فَنزل حكم وَمَعَهُ الثَّلَاثَة المطلوبون بعد عصر يَوْم السبت ظنا من الأشرفية أَنه لَا يُصِيب جكم وَأَصْحَابه سوء سوى أَنهم يمْنَعُونَ من سُكْنى القلعة فَقَط. فَمَا هُوَ إِلَّا أَن عبروا إِلَى الْأَمِير جقمق أحيط بهم وسجنوا ثمَّ رَحل بهم وبمن مَعَه من بَيت قوصون عَائِدًا إِلَى دَار سكنه على بركَة الْفِيل فَكَانَ هَذَا أول وَهن وَقع فِي الأشرفية. وَأَصْبحُوا يَوْم الْأَحَد ثامن عشره: وَالرسل تَتَرَدَّد من الْأَمِير جقمق إِلَى الأشرفية بالقلعة فِي طلب جمَاعَة أُخْرَى حَتَّى نزل إِلَيْهِ مِنْهُم الْأَمِير على بيه الخازندار والأمير يخشباى أَمِير أخور وهما من عُظَمَاء الأشرفية وأعيانهم. فللحال طلب الْأَمِير جقمق الْأَمِير خشقدم مقدم المماليك وألزمه بإنزال جَمِيع الأشرفية من الطباق بالقلعة فاستسلموا بأجمعهم ونزلوا طبقَة أبعد طبقهَ وَقد حضر الْقُضَاة وَأهل الدولة فَحَلَفُوا للأمير الْكَبِير جقمق وَحكم قاضى الْقُضَاة سعد الدّين سعد الديرى الْحَنَفِيّ بسفك دم من خَالف مِنْهُم هَذَا الْيَمين. وَزعم أَن فِي مذْهبه نقلا بذلك. فَكَانَ هَذَا الحكم أَيْضا مِمَّا لم نعهد مثله. ثمَّ أَمر جَمِيع المماليك الأشرفية بإخلاء طباقهم من القلعة إِلَّا المماليك الْكِتَابِيَّة فَقَط فَمَا مِنْهُم إِلَّا من بَادر وحول مَا كَانَ لَهُ بطقته من القلعة من أثاث وَغَيره حَتَّى خلت مِنْهُم فَكَانَ هَذَا من أعجب مَا سمعنَا بِهِ فِي الخذلان فَإِن عَددهمْ يبلغ ألف وَخَمْسمِائة وَعِنْدهم خَزَائِن الْأَمْوَال الجمة الْعدَد وحواصل الأسلحة الْعَظِيمَة الْقدر فِي الْكَثْرَة وَالْقيمَة وهم بالقلعة دَار الْملك وسرير السلطنة وَمَعَهُمْ السُّلْطَان وَلَهُم من الأمتاع وَالْأَمْوَال وَالنعَم مَا لَا يقدر قدره إِلَّا أَنهم أغمار جهال متفرقون فِي إجتماعهم

٧ - (تحَسْبَهُمْ جمَيْعًا وَقلُوبُهمَشتى ذلِكَ بِأنهُمْ قومُ لَا يَعْقلون)

. وَمن حِينَئِذٍ تبين إدبار أَمر الأشرفية وَزَوَال عزهم وإقبال جد الْأَمِير جقمق وتجديد سعادته. وَسبب هَذِه الكائنة أَن جكم خَال السُّلْطَان إتفق هُوَ وعدة من الأشرفية على أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>