(سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة)
أهلت وَالنَّاس فِي أَمر مريج لغيبة السُّلْطَان بالكرك وَعند الْأُمَرَاء تشوش كَبِير لما بَلغهُمْ من مصاب قطلوبغا الفخري. وَصَارَ الْأَمِير أقسنقر نَائِب الْغَيْبَة فِي تخوف فَإِنَّهُ بلغه أَن جمَاعَة من مماليك الْأُمَرَاء الَّذين قبض عَلَيْهِم قد باطنوا بعض الْأُمَرَاء على الرّكُوب عَلَيْهِ فَترك الرّكُوب للموكب أَيَّامًا حَتَّى اجْتَمعُوا عِنْده وحلفوا لَهُ. ثمَّ اتّفق رَأْيهمْ على أَن كتبُوا للسُّلْطَان كتابا فِي خَامِس الْمحرم بِأَن الْأُمُور ضائعة لغيبة السُّلْطَان وَقد نَافق عربان الصَّعِيد وطمع النَّاس وفسدت الْأَحْوَال كلهَا وسألوه الْحُضُور. وبعثوا بِهِ الْأَمِير طقتمر الصلاحي فَعَاد جَوَابه فِي حادي عشره: بأنني قَاعد فِي مَوضِع أشتهي وَأي وَقت أردْت أحضر إِلَيْكُم. وَذكر طقتمر أَن السُّلْطَان لم يُمكنهُ من الِاجْتِمَاع بِهِ وَأَنه بعث من أَخذ مِنْهُ الْكتاب ثمَّ أرسل إِلَيْهِ الْجَواب. وَفِيه قدم الْخَبَر بِأَن السُّلْطَان قتل الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر والأمير قطلوبغا الفخري وَذَلِكَ أَنه قصد أَن يقتلهما بِالْجُوعِ فَأَقَامَ يَوْمَيْنِ بلياليهما لَا يطعمان طَعَاما. فكسرا قيدهما وَقد ركب السُّلْطَان للصَّيْد وخلعا بَاب السجْن لَيْلًا وخرجا إِلَى الحارس وَأخذ سَيْفه وَهُوَ نَائِم فأحس بهما وَقَامَ يَصِيح حَتَّى لحقه أَصْحَابه فأخذوهما. وبعثوا إِلَى السُّلْطَان بخبرهما فَقدم فِي زِيّ العربان ووقف على الخَنْدَق وَبِيَدِهِ حَرْبَة وأحضرهما وَقد كثرت بهما الْجِرَاحَات. فَأمر السُّلْطَان يُوسُف بن البصارة ورفيقه بِضَرْب أعناقهما وَأخذ يسبهما ويلعنهما فَردا عَلَيْهِ ردا قبيحاً وَضرب رقابهما فَاشْتَدَّ قلق الْأُمَرَاء. وَفِيه قدم كتاب السُّلْطَان إِلَى الْأُمَرَاء يطيب خواطرهم ويعرفهم أَن مصر وَالشَّام والكرك لَهُ وَأَنه حَيْثُ شَاءَ أَقَامَ ورسم أَن تجهز لَهُ الأغنام من بِلَاد الصَّعِيد وأكد فِي ذَلِك وَأوصى آقسنقر بِأَن يكون مُتَّفقا مَعَ الْأُمَرَاء على مَا يكون من الْمصَالح. فَتَنَكَّرت قُلُوب الْأُمَرَاء ونفرت خواطرهم وَاتَّفَقُوا على خلع السُّلْطَان وَإِقَامَة أَخِيه إِسْمَاعِيل فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشريه فَكَانَت مُدَّة ولَايَته ثَلَاثَة أشهر وَثَلَاثَة عشر يَوْمًا مِنْهَا مُدَّة إِقَامَته بالكرك ومراسيمه نَافِذَة بِمصْر أحد وَخَمْسُونَ وإقامته بِمصْر مُدَّة شَهْرَيْن وَأَيَّام. وَكَانَت سيرته سَيِّئَة نقم الْأُمَرَاء عَلَيْهِ فِيهَا أموراً مِنْهَا أَن رسله الَّتِي كَانَت ترد من قبله إِلَى الْأُمَرَاء برسائله وأسراره أوباش أهل الكرك فَلَمَّا قدمُوا مَعَه إِلَى مصر أَكْثرُوا من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute