سنة تسع وَسبعين وسِتمِائَة فِي يَوْم الْخَمِيس أول الْمحرم: ركب الْملك الْكَامِل سنقر الْأَشْقَر بشعار السلطنة من قلعة دمشق إِلَى الميدان الْأَخْضَر وَبَين يَدَيْهِ الْأُمَرَاء مشَاة بِالْخلْعِ ثمَّ عَاد. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِيه: خطب لَهُ على مِنْبَر الْجَامِع بِدِمَشْق وَكتب إِلَى الْأَمِير عز الدّين الأفرم وَهُوَ بالكرك يعْتَذر عَن قِيَامه وأتبع الْكتاب بعسكر. فَلَمَّا ورد كِتَابه جهزه الأفرم إِلَى السُّلْطَان بِمصْر فَكتب السُّلْطَان عِنْد وُرُوده إِلَى الْأَشْقَر يقبح فعله وَكتب أُمَرَاء مصر إِلَيْهِ بذلك ويحثونه على الإذغان وَترك الْفِتْنَة. وَسَار بالكتب بلبان الكريمي فوصل دمشق فِي ثامنه وَخرج سنقر الْأَشْقَر إِلَى لِقَائِه وأكرمه وَلم يرجع عَمَّا هُوَ فِيهِ. وَاسْتقر الأفرم بغزة فوافاه عَسْكَر سنقر الْأَشْقَر بهَا فَانْدفع من قدامهم إِلَى الرمل وَملك الْعَسْكَر غَزَّة واطمأنوا فطرقهم الأفرم وأوقع بهم فَانْهَزَمُوا إِلَى الرملة وَأسر مِنْهُم الْأَمِير بدر الدّين كنجك الْخَوَارِزْمِيّ الْأَمِير بدر الدّين بيليك الْحلَبِي وبهاء الدّين يمك الناصري وناصر الدّين باشقرد الناصري وَعلم الدّين سنجر التكريتي وسنجر البدري وسابق الدّين سُلَيْمَان صَاحب صهيون وغنم مِنْهُم مَالا وخيولا وأثقالا كَثِيرَة. وَبعث الأفرم بالبشارة على يَد نَاصِر الدّين مُحَمَّد ولد الْأَمِير بكتاش الفخري فَقدم فِي خَامِس عشره بالأمراء المأسورين فَعَفَا السُّلْطَان عَنْهُم وَأحسن إِلَيْهِم وأعادهم على أخبازهم وجعلهم فِي الْعَسْكَر.
(وَفِي رَابِع عشره)
مَاتَ الْأَمِير عَلَاء الدّين كندغدي الحبيشي من ضَرْبَة بسكين ضربه بهَا سنقر الغتمي الْأَشْقَر الأستادار وَقبض عَلَيْهِ وَسمر على بَاب زويلة. وَلما بلغ سنقر الْأَشْقَر كسرة عسكره جمع وحشد وَبعث إِلَى الْأُمَرَاء بغزة يعدهم ويستميلهم فَقدم عَلَيْهِ شهَاب الدّين أَحْمد بن حجي أَمِير العربان بالبلاد الْقبلية والأمير شرف الدّين عيسي بن مهنا أَمِير العربان بالبلاد الشرقية والشمالية وأتته النجدات من حلب وحماة وَمن جبال بعلبك واستخدم عدَّة كَبِيرَة وبذل فيهم المَال وَكَثُرت عِنْده بِدِمَشْق الأرجاف أَن عَسْكَر مصر قد سَار إِلَيْهِ فَاشْتَدَّ استعداده. وجرد السُّلْطَان من الْقَاهِرَة الْأَمِير بدر الدّين بكتاش الفخري أَمِير سلَاح وَمَعَهُ الْأَمِير بدر الدّين الأيدمري
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute