(سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة)
شهر الله الْمحرم أَوله الِاثْنَيْنِ: فَفِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ خَامِس عشره: حدث مَعَ غرُوب الشَّمْس برق متوال تبعه رعد شَدِيد ثمَّ مطر غزير وَاسْتمرّ مُعظم اللَّيْل فَلم يدْرك بِمصْر مثله برقاً ورعداً وَلَا عهدنا مثل غزارة هَذَا الْمَطَر فِي أثْنَاء فصل الخريف. وَقدم الْخَبَر بِأَنَّهَا أمْطرت وَقت الْعشَاء من لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثامنه بِنَاحِيَة بني عدي من البهنساوية بردا فِي قدر بَيْضَة الدَّجَاجَة وَمَا دونهَا كبيضة الْحَمَامَة فَهَلَك بِهِ من الدَّجَاج وَالْغنم وَالْبَقر شَيْء كثير فَهَلَك لرجل سِتُّونَ رَأْسا من الضَّأْن وَهلك لآخر خَمْسُونَ رَأْسا من الْمعز وَلم يتَجَاوَز هَذَا الْبرد بني عدي وَكَانَ مَعَ الْبرد والمطر راعد مرعب من شدته وبرق متوال ورياح عَاصِفَة. وَفِي هَذَا الشَّهْر: تتبع الْأَمِير قرقماس حَاجِب الْحجاب مَوَاضِع الْفساد فأراق من الْخُمُور وَحرق من الحشيشة الْمُغيرَة لِلْعَقْلِ شَيْئا كثيرا وَهدم مَوَاضِع وَمنع من الِاجْتِمَاع فِي مَوَاضِع الْفساد. وَفِي ثَانِي عشرينه: قدم ركب الْحَاج الأول صُحْبَة الْأَمِير أينال الششماني وَقدم من الْغَد محمل الْحَاج ببقيتهم. وَحدث فِي هَذَا الشَّهْر: ثَلَاث مظالم إِحْدَاهَا: أَنه كَانَ قد تقرر فِي الْعَام الْمَاضِي مَعَ الفاضي كريم الدّين عبد الْكَرِيم بن بركَة نَاظر الْخَاص أَن تعفي تجار الشَّام ومشهد عَليّ والكوفة وَالْبَصْرَة الَّذين يتبضعون من متاجر الْهِنْد من الْقدوم من مَكَّة إِلَى الْقَاهِرَة بضاعتهم وَأَن يقومُوا عَن كل جمل بِثَلَاثَة دَنَانِير وَنصف فَانْتقضَ ذَلِك فِي الْمَوْسِم بِمَكَّة وألزم سَائِر التُّجَّار أَن يحضروا من مَكَّة ببضائعهم صُحْبَة الركب وتتبعوا بِحَيْثُ لم يقدر أحد مِنْهُم أَن يتَأَخَّر بِمَكَّة وَلَا يتَوَجَّه إِلَى الشَّام بل حَضَرُوا بأجمعهم وأقيمت عَلَيْهِم الأعوان فِي طول الطَّرِيق بتفقدهم وَبعد أجمالهم حَتَّى قدمُوا صُحْبَة الْحَاج فَحل بهم من الْبلَاء مَا لَا يُوصف. ثَانِيهَا: أَنه منع بالإسكندرية أَن ينصب قبان لوزن بضَاعَة أحد من التُّجَّار فَامْتنعَ الكافة من بيع النَّهَار على الفرنج وألزم الفرنج بشرَاء فلفل السُّلْطَان الْمحْضر من جدة بِمِائَة وَعشْرين دِينَارا الْحمل وَكَانَت قِيمَته مَعَ التُّجَّار ثَمَانِينَ دِينَارا فَأخذ الفرنج مِنْهُ مَا وصلت قدرَة مباشري السُّلْطَان أَن يبيعوه عَلَيْهِم وامتنعوا من أَخذ بَقِيَّته وَرَجَعُوا بِكَثِير مِمَّا حملوه من بضائعهم إِلَى بِلَادهمْ فَشَمَلَ التُّجَّار وَغَيرهم من ذَلِك ضَرَر كَبِير.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute