للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(سنة سِتّ وَسَبْعمائة)

فِيهَا توحش مَا بَين الأميرين علم الدّين سنجر البرواني وَسيف الدّين الطشلاقي على بَاب الْقلَّة من القلعة بِحَضْرَة الْأُمَرَاء من أجل استحقاقهما فِي الإقطاعات فَإِنَّهُمَا تباعلا وَنزل الطشلاقي على إقطاع البرواني. وَكَانَ كل مِنْهُمَا فِيهِ كبر وظلم وعسف والبرواني من خَواص الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الجاشنكير والطشلاقي من ألزام الْأَمِير سلار النَّائِب لإنه خشداشه وَكِلَاهُمَا مَمْلُوك الصَّالح على بن قلاوون. فَاشْتَدَّ الطشلاقي على البرواني وسفه عَلَيْهِ فَقَامَ البرواني إِلَى الْأَمِير بيبرس فَشَكا مِنْهُ فاستدعى بِهِ وعنفه فاساء فِي الرَّد وأفحش فِي حق البرواني وَقَالَ: أَنْت وَاحِد منفي وافدي تجْعَل نَفسك مثل مماليك السُّلْطَان. فاستشاط بيبرس غَضبا وَقَامَ ليضربه فَجرد سَيْفه يُرِيد ضرب بيبرس فَقَامَتْ قِيَامَة بيبرس وَأخذ سَيْفه وَأَوْمَأَ ليضربه فترامى عَلَيْهِ من حَضَره وأمسكه عَنهُ وأخرجوا الطشلاقي بَعْدَمَا كَادَت مماليك بيبرس أَن تقتله. وللوقت طلب بيبرس الْأَمِير سنقر الكمالي الْحَاجِب وَأمره بِإِخْرَاج الطشلاقي إِلَى دمشق فخشي من النَّائِب سلار وَدخل عَلَيْهِ وَأخْبرهُ الْخَبَر فَوجدَ الْعلم عِنْده وَأمره بِالْعودِ إِلَى بيبرس وملاطفته فِي الْعَفو عَن الطشلاقي وَأَنه يلْزم دَاره حَتَّى يرضى عَنهُ. فَعَاد إِلَى بيبرس وعندما أَخذ يبلغهُ رِسَالَة سلار صرخَ فِيهِ وَحلف إِن بَات الطشلاقي اللَّيْلَة فِي الْقَاهِرَة عملت فتْنَة كَبِيرَة. فَعَاد الْحَاجِب وَبلغ سلار ذَلِك فَلم يَسعهُ إِلَّا السُّكُوت وَأخرج الطشلاقي من وقته وَأمر الْحَاجِب بِتَأْخِيرِهِ فِي بلبيس ليراجع بيبرس فِيهِ. وعندما اجْتمعَا من الْغَد فِي الْخدمَة بدأه بيبرس بِمَا كَانَ من الطشلاقي فِي حَقه من الْإِسَاءَة وسلار يسكن غَضَبه فَلَا يسكن بل يشْتَد فَأمْسك على حقد وَتوجه الطشلاقي إِلَى الشَّام. وفيهَا قدم الْبَرِيد من حماة بِمصْر ثَابت على القَاضِي أَن ضَيْعَة تعرف ببارين بَين جبلين فَسمع للجبلين فِي اللَّيْل قعقعة عَظِيمَة فَتسَارع النَّاس فِي الصَّباح إِلَيْهَا فَإِذا أحد الجبلين قد قطع الْوَادي وانتقل مِنْهُ قدر نصفه إِلَى الْجَبَل الآخر والمياه فِيمَا بَين الجبلين تجْرِي فِي الْوَادي فَلم يسْقط من الْجَبَل الْمُنْتَقل شَيْء من الْحِجَارَة وَمِقْدَار النّصْف الَّذِي انْتقل من الْجَبَل مائَة ذِرَاع وَعشرَة أَذْرع ومسافة الْوَادي الَّذِي قطعه هَذَا الْجَبَل مائَة ذِرَاع وَأَن قَاضِي حماة خرج بالشهود حَتَّى عاين ذَلِك وَكتب بِهِ محضراً فَكَانَ هَذَا من غرائب الِاتِّفَاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>