للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفيهَا قدم الْخَبَر من بِلَاد الْمغرب بقتل السُّلْطَان أبي يَعْقُوب بوسف بن يَعْقُوب المريني صَاحب تلمسان فِي ذِي الْقعدَة من السّنة الحالية على يَد خدمه وَأَن ابْنه أَبَا سَالم قَامَ من بعده فثاروا بِهِ بعد أُسْبُوع وَأَقَامُوا عوضه حفيده أَبَا عَامر ثَابت. وفيهَا ابتدأت الوحشة بَين الأميرين بيبرس وسلار: وسببها أَن التَّاج بن سعيد الدولة الْكَاتِب كَانَ مُتَمَكنًا من بيبرس مستولياً على سَائِر أُمُوره فمكنه من الدولة حَتَّى صَارَت أُمُور الْأَمْوَال الديوانية الْمُتَعَلّقَة بالوزارة والأستادارية لَا يلْتَفت فِيهَا إِلَى كَلَام غَيره واستعان مَعَه أكْرم بن بشير أحد أَقَاربه فتقربا إِلَى بيبرس بتحصيل الْأَمْوَال من المشتروات وأضافا لَهُ جِهَة النطرون وَكَانَ التَّاج صديقا لِابْنِ الشيخي وَهُوَ الَّذِي قدمه إِلَى الوزارة فَلَمَّا قتل شقّ عَلَيْهِ واتهم الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي بِأَنَّهُ السَّبَب فِي ذَلِك وَأَنه الَّذِي أغرى بِهِ الْأَمِير سلار لما كَانَ يعلم من عَدَاوَة الجاولي لِابْنِ الشيخي ومصادقته للصاحب سعد الدّين مُحَمَّد بن سعد بن عطايا وَهُوَ الَّذِي عينه للوزارة بِقصد إنكاء التَّاج بن سعيد الدولة. فَأخذ التَّاج فِي الْعَمَل على الجاولي وَهُوَ يَوْمئِذٍ يَنُوب عَن بيبرس الجاشنكير فِي الأستادرية وَندب لمرافقته رجل من الأقباط وَصَارَ كل قَلِيل يَقُول عَنهُ لبيبرس إِنَّه نهب الْأَمْوَال وَأخذ رواتب كَثِيرَة لنَفسِهِ وحواشيه وَمد وقفت أَحْوَال الدولة من ذَلِك والوزير ابْن عطايا لَا يدْرِي صناعَة الْكِتَابَة وَإِنَّمَا أَشَارَ الجاولي على سلار بوزارته ليتَمَكَّن من أغراضه وان بعض كتاب الْحَوَائِج خاناه كتب أوراقاً بِمَال كَبِير فِي جِهَة الجاولي وَأكْثر من هَذَا القَوْل وَمَا أشبهه إِلَى أَن تقرر ذَلِك فِي نفس بيبرس وَتغَير على الجاولي وَحدث سلار فِي أمره وَأَنه أَخذ جملَة مَال مستكترة. وَكَانَ سلار صديقا للجاولي شَدِيد الْمحبَّة لَهُ من قديم حَتَّى أَن كلا مِنْهُمَا عمر مدرسة على جبل يشْكر بجوار مناظر الْكَبْش مجاورة لمدرسة الآخر وَعمل لنَفسِهِ مدفناً بحذاء مدفن الآخر. فدافع سلار عَن الجاولي وَقَالَ لبيبرس: بِاللَّه لَا تسمع للديوان فَإِنَّهُم مناحيس يُرِيدُونَ الْفِتَن. فتمادى بيبرس فِي الْحَط على الجاولي وسبه وَقَالَ: لابد أَن أخْلص مِنْهُ المَال. فَلَمَّا افْتَرقَا أعلم سلار الجاولي بِتَغَيُّر بيبرس عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ: هَذَا من التَّاج بن سعيد الدولة فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ إِلَى بيبرس ومخادعته بلين القَوْل لَهُ عساه ينخدع ويمسك عَمَّا يُريدهُ. فامتثل ذَلِك وَصَارَ إِلَيْهِ وخضع لَهُ وتذلل فَاشْتَدَّ فِي الْحَرج وَبَالغ فِي السب والتهديد وَلم يلْتَفت إِلَى قَوْله فَقَامَ يتعثر فِي أذياله إِلَى سلار وَأخْبرهُ فَغَضب من ذَلِك. وَعند خُرُوج الجاولي من عِنْد بيبرس دخل عَلَيْهِ ابْن سعيد الدولة بأوراق قد رتبها. مِمَّا فِي جِهَة الجاولي وَقرأَهَا عَلَيْهِ وأحضر مَعَه أكْرم بن بشير ليحاقق الجاولي على مَا فِي الأوراق فقوى بيبرس قلب بن بشير على الْمُحَافظَة. وَلما كَانَ الْغَد وَخرج الْأُمَرَاء من الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة وجلسوا عِنْد

<<  <  ج: ص:  >  >>