للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النَّائِب سلار وَفِيهِمْ الجاولي والوزير أَمر بيبرس بإحضار ابْن بشير الْكَاتِب فَلَمَّا جَاءَ قَالَ لَهُ: أَنْت قلت إِن مَال السُّلْطَان ضائع وَإِن هَذَا - يَعْنِي الجاولي - أَخذ مِنْهُ أَشْيَاء وَإِن الْوَزير وَافقه على ذَلِك وَإِن أَحْوَال الدولة قد وقفت وَإنَّك ترافعهما وَتحقّق مَال السُّلْطَان فِي جهتهما فَتكلم الْآن مَعَهُمَا وَلَا تقل إِلَّا الصَّحِيح. فَنَهَضَ عِنْد ذَلِك قَائِما وَأخرج الأوراق وحاقق الْوَزير على فُصُول تلْزم الجاولي فَأجَاب الجاولي. عَنْهَا فصلا فصلا وَابْن بشير يرد عَلَيْهِ وَقَالَ فِي كَلَامه: أَنْت أَمِير مَا تَدْرِي فُصُول الْكِتَابَة وَطَالَ الْكَلَام وانفض الْمجْلس على أقبح صُورَة وَقد وَقع التنافر بَين بيبرس وسلار بِسَبَب قيام كل مِنْهُمَا فِي نصْرَة صَاحبه. وَكَانَ من عَادَة بيبرس أَن يركب لسلار عِنْد ركُوبه وَينزل عِنْد نُزُوله فَمن يَوْمئِذٍ لم يركب مَعَه وَبَقِي كل مِنْهُمَا يركب فِي حَاشِيَته وَحده وتوقع النَّاس الْفِتْنَة. فَبعث الْأَمِير سلار بسنقر الكمالي الْحَاجِب إِلَى بيبرس ليتلطف بِهِ ويعرفه إِن الجاولي قد علمت مَا بيني وَبَينه من الْأُخوة بِحَيْثُ أَن كلا منا عمل الآخر وَصِيّه على أَوْلَاده بعد مَوته ويتضرع لَهُ حَتَّى يعْفُو عَنهُ. فَمضى إِلَيْهِ وَبَالغ مَعَه فِي الْكَلَام وَهُوَ يشْتَد إِلَى أَن قَالَ: لَا أرجع عَنهُ حَتَّى أَخذ مِنْهُ مَال السُّلْطَان وأضربه بالمقارع. وَبعث إِلَيْهِ: إِن لم تحمل المَال ضربتك بالمقارع حَتَّى تَمُوت مثل الْغَيْر يَعْنِي ابْن الشيخي وَبعث إِلَى الْوَزير بذلك أَيْضا ورسم عَلَيْهِمَا حَتَّى يحملا المَال. فَلَمَّا بلغ الكمالي ذَلِك لسلار قَامَت قِيَامَته إِلَّا أَنه كَانَ كثير المداراة عَاقِلا. وَأخذ الجاولي فِي بيع خيله وقماشه وأمتعته بِبَاب الْقلَّة على الْأُمَرَاء فشق عَلَيْهِم مَا نزل بِهِ وشروا مبيعه بأضعاف ثمنه ليردوه إِلَيْهِ إِذا صلح حَاله مَعَ الْأَمِير بيبرس تقرباً لخاطر الْأَمِير سلار. وَتَمَادَى الْحَال عدَّة أَيَّام وبيبرس وسلار لَا يَجْتَمِعَانِ واستعد الْأُمَرَاء البرجية ألزام بيبرس وصاروا يركبون بِالسِّلَاحِ من تَحت ثِيَابهمْ خوفًا من وُقُوع الْفِتْنَة وترقب النَّاس الشَّرّ فِي كل يَوْم وتحدثوا بِهِ. فَركب الْأُمَرَاء الأكابر: أقوش قتال السَّبع وبيبرس الدودار وبرلغي وأيبك الخازندار وسنقر الكمالي وبكتوت الفتاح فِي آخَرين إِلَيّ الْأَمِير بيبرس الجاشنكير وتحدثوا مَعَه فِي تسكين الشَّرّ وإخماد الْفِتْنَة. ومازالوا بِهِ حَتَّى رفع الترسيم عَن الجاولي بِشَرْط أَن يخرج إِلَى الشَّام بطالا وَقَامُوا من عِنْده إِلَى الْأَمِير سلار ومازالوا بِهِ حَتَّى وَافق على سفر الجاولي فسافر من يَوْمه بعد مَا قطع خبزه ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بعد وُصُوله إِلَى دمشق بإمرة طبلخاناه. وفيهَا أفرج عَن الصاحب سعد الدّين مُحَمَّد بن عطايا بَعْدَمَا حمل نَحْو الثَّمَانِينَ ألف دِرْهَم واصطلح بيبرس وسلار ثمَّ تحدثا فِي أَمر الوزارة وَمن يصلح لَهَا فعين سلار

<<  <  ج: ص:  >  >>