التَّاج بن سعيد الدولة فَقَالَ بيبرس: إِنَّه لَا يُوَافق فقد عرضتها عَلَيْهِ وَامْتنع مِنْهَا فَقَالَ سلار: دَعْنِي وإياه فَقَالَ: دُونك وتفرقا. فَبعث سلار إِلَى التَّاج أحضرهُ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ عبس فِي وَجهه وَصَاح بانزعاج: هاتوا خلعة الوزارة فأحضروها وَأَشَارَ إِلَيّ التَّاج بلبسها فتمنع وصرخ فِيهِ وَحلف لَئِن لم يلبسهَا ضرب عُنُقه. فخاف الإخراق بِهِ لما يُعلمهُ من بغض سلار لَهُ وَلبس التشريف فِي يَوْم الْخَمِيس خَامِس عشر الْمحرم وَقبل يَد الْأَمِير سلار فبش لَهُ ووصاه وَخرج من دَار النِّيَابَة بالقلعة إِلَى قاعة الصاحب بهَا وَبَين يَدَيْهِ النُّقَبَاء والحجاب وأخرجت لَهُ دَوَاة الوزارة وَالْبَغْلَة فَعلم على الأوراق وَصرف الْأُمُور إِلَى بعد الْعَصْر وَنزل إِلَى وَأصْبح النَّاس يَوْم الْجُمُعَة إِلَى دَار الْوَزير تَاج الدّين أبي الْفتُوح بن سعيد الدولة ينتظرون ركُوبه فَلم يخرج إِلَى أَن علا النَّهَار وَخرج غُلَامه وَقَالَ: يَا جمَاعَة! القَاضِي عزل نَفسه وَتوجه إِلَى زَاوِيَة الشَّيْخ نصر المنبجي فَتَفَرَّقُوا وَكَانَ لما نزل إِلَى دَاره توجه لَيْلًا إِلَى الشَّيْخ نصر وَكَانَ خصيصاً بِهِ وَله مكانة عِنْد الْأَمِير بيبرس وَبعث بتشريف الوزارة إِلَى الخزانة السُّلْطَانِيَّة بالقلعة وَأقَام عِنْد الشَّيْخ نصر مستجيراً بِهِ فَكتب الشَّيْخ نصر إِلَى بيبرس يشفع فِيهِ وَيَقُول لَهُ إِنَّه قد استعفى من الوزارة وَقَالَ إِنَّه لَا يُبَاشِرهَا أبدا ويقصد أَن يُقيم فِي الزاوية مَعَ الْفُقَرَاء يعبد الله فَأخذ بيبرس الورقة وَدخل على سلار فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ: قد أعفيناه فَأحْضرهُ حَتَّى نَسْتَشِيرهُ فِيمَن يَلِي الوزارة فَأحْضرهُ بيبرس إِلَيْهِ فَاعْتَذر وَأَشَارَ بوزارة ضِيَاء الدّين أبي بكر بن عبد الله بن احْمَد النَّسَائِيّ نَاظر الدَّوَاوِين فاستدعى وخلع عَلَيْهِ فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ تَاسِع عشره. فباشر ضِيَاء الدّين الوزارة وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا سوى الِاسْم وَصَارَ التَّاج يدبر الْأُمُور وَلَا يصرف شَيْء إِلَّا بِخَطِّهِ وَلَا يفعل أَمر إِلَّا بِحكمِهِ. وَفِي سادس صفر: خلع على التَّاج بن سعيد الدولة وَاسْتقر مُشِيرا وناظراً على الوزارة وَسَائِر النظار مصرا وشاماً ومنفرداً بِنَظَر البيوتات والأشغال الْمُتَعَلّقَة بالأستادارية وَنظر الصُّحْبَة وَنظر الجيوش وَكتب لَهُ توقيع لم يكْتب لمتعمم مثله. وَصَارَ يجلس بِجَانِب الْأَمِير سلار نَائِب السلطنة فَوق كل متعمم من الْكتاب وَنفذ حكمه وَمضى قلمه فِي سَائِر أُمُور الدولة فألان الْوَزير جَانِبه لَهُ وخفض جنَاحه بِكُل مُمكن. وَاسْتقر عز الدّين أيدمر الخطيري أستادارا عوضا عَن سنجر الجاولي. وفيهَا قدم الرُّسُل الَّذين توجهوا إِلَى الْملك طقطاي صَاحب بِلَاد الشمَال: وهم الْأَمِير بلبان الصرخدي ورفقته وَمَعَهُمْ نامون رَسُول طقطاي بهدية سنية وَكتاب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute