(سنة سبع وَسَبْعمائة)
فِيهَا ورد الْخَبَر بِأَن الْملك الْمُؤَيد هزبر الدّين دَاوُد ملك الْيمن كثر ظلمه للتجار وَأخذ أَمْوَالهم وَترك إرْسَال الْهَدِيَّة إِلَى مصر على الْعَادة بعد أَن عزم على تجهيزها وَقصد أَن يبْعَث الْأَمْوَال إِلَى مَكَّة ليقدم اسْمه على اسْم سُلْطَان مصر فِي الدُّعَاء. فَكتب إِلَيْهِ من قبل السُّلْطَان وَمن قبل الْخَلِيفَة أبي الرّبيع سُلَيْمَان بالإنذار والإرهاب وجهزا على يَد نجاب ورسم لكل من الْأُمَرَاء المقدمين بعمارة مركب يُقَال لَهَا حلبة وَعمارَة قياسة لَطِيفَة يُقَال لَهَا فلوة برسم حمل الأزواد وَغَيرهَا وتفسر ذَلِك إِلَى الطّور على الظّهْر ليرمي على بَحر القلزم لغزو بِلَاد الْيمن. فاشترك كل أَمِير مقدم ألف ومضافيه فِي عمل حلبة وفلوة وَندب لعملها الْأَمِير عز الدّين أيبك الشجاعي الْأَشْقَر شاد الدَّوَاوِين وسافر إِلَى قوص. وفيهَا ضجر السُّلْطَان من تحكم الأميرين بيبرس وسلار عَلَيْهِ وَمنعه من التَّصَرُّف وضيق يَده. وشكا ذَلِك لخاصيته. واستدعى الْأَمِير بكتمر الجوكندار أَمِير جاندار فِي خُفْيَة وأعلمه. مِمَّا عزم عَلَيْهِ من الْقيام على الأميرين فقرر الْأَمِير أَن القلعة إِذا أغلقت فِي اللَّيْل وحملت مفاتيحها إِلَى السُّلْطَان على الْعَادة ولبست مماليك السُّلْطَان السِّلَاح وَركبت الْخُيُول من الإسطبل وسارت إِلَى إسطبلات الْأُمَرَاء ودقت كوسات السُّلْطَان بالقلعة دقاً حَرْبِيّا ليجتمع تَحت القلعة من هُوَ فِي طَاعَة السُّلْطَان ويحبهم بكتمر الجوكندار فِي عدَّة على بَيْتِي بيبرس وسلار بالقلعة ويأخذونهما. وَكَانَ لكل من بيرس وسلار أعين عِنْد السُّلْطَان فبلغهما ذَلِك فاحترسا وأمرا الْأَمِير سيف الدّين بلبان الدِّمَشْقِي وَالِي القلعة - وَكَانَ حصيصاً بهما - أَن يُوهم أَنه أغلق بَاب القلعة ويطرف أقفالها ويعبر بالمفاتيح على الْعَادة فَفعل ذَلِك. وَظن السُّلْطَان ومماليكه أَنهم قد حصلوا على غرضهم وَانْتَظرُوا بكتمر الجوكندار أَن يحضر إِلَيْهِم فَلم يحضر وبعثوا إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ مَعَ بيبرس وسلار قد حلف لَهَا على الفيام مَعَهُمَا. فَلَمَّا طلع النَّهَار ظن السُّلْطَان أَن بكتمر قد غدر بِهِ وترقب الْمَكْرُوه من الْأُمَرَاء. وَأما بكتمر فَإِن بيبرس وسلار لما بلغهما الْخَبَر خرجا إِلَى دَار النِّيَابَة بالقلعة وعزم بيبرس أَن يهجم على بكتمر ويقتله فَمَنعه سلار لما كَانَ عِنْده من السبت والتؤدة وَأَشَارَ بِالْإِرْسَال إِلَيْهِ ليحضر حَتَّى تبطل حَرَكَة السُّلْطَان. فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُول تحير وَقصد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute