للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَتوجه الْأَمِير يلبك والأمير نوروز إِلَى مصر. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة سابعه: صلى السُّلْطَان الْجُمُعَة وَخرج من دمشق يُرِيد مصر. فَكَانَت إِقَامَته بهَا سَبْعَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَأما الْقَاهِرَة فَإِن مماليك الْأُمَرَاء وأجنادهم كَانَت تركب فِي مُدَّة غيبَة السُّلْطَان كل لَيْلَة من عشَاء الْآخِرَة وتتفرق فِي نواحي الْمَدِينَة وظواهرها لحفظ النَّاس فَإِذا رَأَوْا أحدا يمشى لَيْلًا حبسوه حَتَّى يتَبَيَّن أمره وَلم يبْق حَانُوت وَلَا زقاق إِلَّا وَعَلِيهِ قنديل يَشْمَل طول اللَّيْل. وَطلب الْأَمِير قبلاي النَّائِب مقدمي الْوَالِي وألزمهم أَن يقومُوا بِجَمِيعِ مَا يصرف فِي الْقَاهِرَة وظواهرها. وانتدب الْأَمِير مجد الدّين مُوسَى الهذباني والأمير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الكوراني لحفظ مَدِينَة مصر. ورتب جمَاعَة لحفظ بيُوت المتجر فِي الْبر وَالْبَحْر. فَلم يعْدم لأحد شَيْء سوى سَرقَة مَتَاع من حَانُوت يَهُودِيّ فَضرب الْأَمِير قبلاى النَّائِب مقدمي الْوَالِي بالمقارع حَتَّى أحضروا مَتَاع الْيَهُودِيّ لَهُ. وَاتفقَ أَن ابْن الأطروش محتسب الْقَاهِرَة مر بسوق الشرابشيين وَابْن أَيُّوب الشرابيشي فِي حانوته. وَكَانَ أَيُّوب هَذَا يَعْتَرِيه جُنُون فِي بعض الأحيان فَأخذ يسب الْمُحْتَسب ويهزأ بِهِ ثمَّ وثب اليه وألقاه عَن بغلته وَركب صَدره. فَمَا خلصه النَّاس مِنْهُ إِلَّا بعد جهد وأقاموه من تَحت ابْن أَيُّوب وَقد تَبَاعَدت عمَامَته وانكشف رَأسه. فطلع ابْن الأطروش إِلَى الْأَمِير قبلاي النَّائِب وَأخْبرهُ. بِمَا جرى عَلَيْهِ فأحضر الْأَمِير قبلاى ابْن أَيُّوب وضربه وحبسه. وَفِيه حدثت زَلْزَلَة فِي رَمَضَان وَالنَّاس فِي صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة. وَفِي سَابِع عشره: خرج الْأَمِير أرنان والأمير قطلوبغا الذَّهَبِيّ والأمير علم دَار إِلَى الصَّعِيد فِي الْبر

(وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشرى شَوَّال)

قدم السُّلْطَان وَمَشى بفرسه على شقَاق الْحَرِير الَّتِي فرشت لَهُ وَخرج النَّاس إِلَى لِقَائِه ورويته فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً لم يتَّفق مثله لأحد من أخوة السُّلْطَان الَّذين تسلطنوا. وعندما طلع السُّلْطَان القلعة تَلَقَّتْهُ أمه وجواريه وأخوته ونثر عَلَيْهِ الذَّهَب وَالْفِضَّة وَقد فرشت لَهُ طَرِيقه بشقاق الْحَرِير الأطلسي وَلم يبْق بَيت من بيُوت الْأُمَرَاء إِلَّا وَفِيه الأفراح والتهاني. وَفِيه يَقُول الأديب شهَاب الدّين أَحْمد بن أبي حجلة:

<<  <  ج: ص:  >  >>