للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَاتَ الْملك الظَّاهِر بِدِمَشْق كتب الْأَمِير بدر الدّين بيليك الخازندار إِلَى الْملك السعيد وَهُوَ بقلعة الْجَبَل كتابا بِمَوْت أَبِيه فأظهر الْملك السعيد عِنْد وُرُود الْكتاب فَرحا كَبِيرا وأخلع على من أحضرهُ وأشاع أَن الْكتاب يتَضَمَّن الْبشَارَة بِعُود الْملك الظَّاهِر إِلَى ديار مصر وَأصْبح فَركب الْأُمَرَاء على الْعَادة تَحت القلعة من غير أَن يظْهر عَلَيْهِم شَيْء من الْحزن. وَسَار الْأَمِير بيليك بالمحنة والأطلاب حَتَّى قدم إِلَى الْقَاهِرَة يَوْم الْخَمِيس سادس عشر صفر وَهُوَ تَحت السناجق الظَّاهِرِيَّة وَصعد قلعة الْجَبَل. وَجلسَ الْملك السعيد بالإيوان وَسلم إِلَيْهِ الْأَمِير بيليك الخزائن والعساكر ووقف بَين يَدَيْهِ فصاح الْحجاب حِينَئِذٍ. يَا أُمَرَاء ترحموا على السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر. فارتفع الضجيج والعويل وَوَقع الْأُمَرَاء إِلَى الأَرْض يقبلونها للْملك السعيد فجددت الْأَيْمَان وَحلف لَهُ سَائِر الْعَسْكَر والقضاة والمدرسين والأعيان وتولي تحليفهم الْأَمِير بدر الدّين بيليك الخازندار بِحَضْرَة الْقُضَاة. فَأقر الْملك السعيد الْأَمِير بدر الدّين بيليك على نِيَابَة السلطنة وَأقر الصاحب بهاء الدّين ابْن حنا على وزارته وخلع عَلَيْهِمَا وعَلى الْأُمَرَاء والمقدمين والقضاة وأرباب الْوَظَائِف. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة سَابِع عشريه: دَعَا الخطباء على مَنَابِر الْجَوَامِع بِمصْر والقاهرة للْملك السعيد وَصلي بهَا على الْملك الظَّاهِر صَلَاة الْغَائِب. وَخرج الْبَرِيد إِلَى دمشق بِمَوْت الْملك الظَّاهِر وتحليف العساكر للْملك السعيد فَحَلَفُوا. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس عشر ربيع الأول: ركب الْملك السعيد بالعصائب على عَادَة أَبِيه وَمَعَهُ الْأُمَرَاء والأعيان وَعَلَيْهِم الْخلْع وسير إِلَى تَحت الْجَبَل الْأَحْمَر وَعَاد إِلَى القلعة من غير أَن يشق الْقَاهِرَة وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً.

(وَفِي سادس ربيع الآخر)

مَاتَ الْأَمِير بدر الدّين بيليك النَّائِب واتهم أَن الْملك السعيد سمه وَذَلِكَ أَنه اخْتصَّ بِجَمَاعَة من المماليك الْأَحْدَاث فأوهموه من الْأَمِير بيليك وَكَانَت جنَازَته حفلة وَمن بعده اضْطَرَبَتْ أُمُور الْملك السعيد. وَأقَام الْملك السعيد بعده فِي نِيَابَة السلطنة الْأَمِير شمس الدّين آقنسنقر الفارقاني وَكَانَ حازما فضم إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم شمس الدّين أقوش وقطليجا الرُّومِي وَسيف الدّين قلج الْبَغْدَادِيّ وَسيف الدّين بيجو الْبَغْدَادِيّ وَعز الدّين ميغان أَمِير شكار وَسيف الدّين بكتمر السِّلَاح دَار فثقل الْأَمِير آقسنقر على خاصكية السُّلْطَان وَحَدثُوا السُّلْطَان فِي أمره

<<  <  ج: ص:  >  >>