(سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)
وأهلت سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين: فَفِي أَولهَا: وصل الْملك الْأَفْضَل إِلَى دمشق وَتَفَرَّقَتْ العساكر إِلَى بلادها وَلزِمَ الْأَفْضَل الزّهْد وَأَقْبل على الْعِبَادَة وَصَارَت أُمُور الدولة بأسرها مفوضة إِلَى وزيره ضِيَاء الدّين ابْن الْأَثر فاختلت بِهِ الْأَحْوَال غَايَة الاختلال وَكثر شاكوه. وَضبط الْعَادِل أُمُور مملكة مصر وَغير الإقطاعات ووفر الارتفاعات وعمال الْأَعْمَال وثمر الْأَمْوَال وَقرب إِلَى الْعَزِيز الْأَمِير عز الدّين أُسَامَة فَصَارَ صَاحب سره وحاجبه والواسطة بَينه وَبَين عَمه. واختص الْأَمِير صارم الدّين قايماز النجمي بالعادل وَصَارَ صفوته. وَفِي يَوْم السبت ثَانِي عشر الْمحرم: رفعت يَد ابْن أبي عصرون وأيدي نوابه من الحكم وَأمر أَن يعتزل فِي بَيته وَأَن يخرج عَن مصر فأغلق بَابه وَشرع فِي تجهيز نَفسه وتوسل فِي إِقَامَته. وَفِي سَابِع عشريه: خلع عَليّ زين الدّين عَليّ بن يُوسُف بن بنْدَار وأعيد إِلَى الْقَضَاء عوضا وَفِي أول صفر: حبس الْملك الْعَزِيز نَاحيَة الخربة من المنوفية على زَاوِيَة الإِمَام الشَّافِعِي بالجامع العميق بِمصْر وَفرض تدريسها إِلَى الْبَهَاء بن الجميزي. وَفِي صفر وَشهر ربيع الأول: كثرت الطرحى من الْأَمْوَات على الطرقات وزادت عدتهمْ بِمصْر والقاهرة فِي كل يَوْم عَن مِائَتي نفس وَبَقِي بِمصْر من لم يُوجد من يُكَفِّنهُ وَأَكْثَرهم يَمُوت جوعا. وانْتهى الْقَمْح إِلَى مائَة وَثَمَانِينَ دِينَارا الْمِائَة أردب وَالْخبْز إِلَى ثَلَاثَة أَرْطَال بدرهم وَعمد الضُّعَفَاء إِلَى شِرَاء الجرار وغدوا إِلَى الْبَحْر وترددوا إِلَيْهِ ليستقوا مِنْهُ فِي الجرار ويبيعوها بِثمن دِرْهَم الجرة وَقد لَا يَجدونَ من يَشْتَرِيهَا مِنْهُم فيصيحون: من يتَصَدَّق علينا بِثمن هَذِه الجرة وَمن يَشْتَرِيهَا منا بكسرة. وَزَاد السّعر وضاق الخناق وَهلك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute