للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سنة سِتّ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة)

وأهلت سنة سِتّ وَتِسْعين والأخوان على حِصَار عَمهمَا الْعَادِل بِدِمَشْق وَقد خربَتْ الْبَسَاتِين والدور وَقطعت الْأَنْهَار وأحرقت الغلال وَقلت الأقوات. وعزم الْعَادِل على تَسْلِيم دمشق لِكَثْرَة من فَارقه وَخرج عَنهُ إِلَى الْأَفْضَل فَكتب إِلَى ابْنه الْكَامِل يستدعيه وَكتب إِلَى نَائِب قلعة جعبر أَن يُسلمهُ مَا يستدعيه من المَال وَكَانَت أَمْوَال الْعَادِل بهَا فَسَار إِلَيْهِ الْكَامِل فِي الْعَسْكَر الَّذِي مَعَه وَأخذ من قلعة جعبر أَرْبَعمِائَة ألف دِينَار وَقدم على أَبِيه فقوي بقدومه قُوَّة عَظِيمَة وَوَقع الوهن فِي عَسْكَر الْأَفْضَل وَالظَّاهِرَة لِكَثْرَة من خامر مِنْهُم ودس الْعَادِل مكيدة بَين الْأَخَوَيْنِ وَهِي أَن الظَّاهِر كَانَ لَهُ مَمْلُوك يُقَال لَهُ أيبك وَقد شغفه حبا فَفَقدهُ وَظن أَنه دخل دمشق فعلق وَبلغ ذَلِك الْعَادِل فَبعث إِلَيْهِ بِكَلَام فِيهِ: أَن مَحْمُود بن الشكري أفسد مملوكك وَحمله إِلَى الْفضل فَقبض الظَّاهِر حِينَئِذٍ على ابْن الشكري وَظهر الْمَمْلُوك عِنْده فَمَا شكّ فِي صدق مَا قَالَه عَمه وَنَفر من أَخِيه وأمتنع من لِقَائِه وَكَانَ الْبرد قد اشْتَدَّ فرحلا إِلَى الْكسْوَة وَسَار إِلَى مرج الصفر ثمَّ سارا إِلَى رَأس المَاء فغلت الأسعار وَقَوي الْبرد فَرَحل الظَّاهِر على القريتن ورحل الْأَفْضَل بعساكره يُرِيد مصر وَتركُوا من أثقالهم مَا عجزوا عَن حمله فَأَحْرقُوهُ وَهلك لَهُم عدَّة مماليك ودواب وَدخل الْأَفْضَل إِلَى بلبيس فِي خَامِس عشرى شهر ربيع الأول فأشير عَلَيْهِ بِالْإِقَامَةِ بهَا. وَورد الْخَبَر بِأَن الْعَادِل خرج من دمشق وَنزل تل العجول وَأَنه كتب الإقامات للعربان واستدعى الكنانية فَجمع الْأَفْضَل الْأُمَرَاء وَركب وَدَار على سور بلبيس وَأمر قراقوش بِحِفْظ قلعة الْجَبَل وَأَن يهتم بِحَفر مَا بَقِي من سور مصر والقاهرة وَأَنه يعمق الْحفر حَتَّى يصل إِلَى الصخر وَيجْعَل التُّرَاب دَاخل الْمَدِينَة على حافة الْحفر ليَكُون

<<  <  ج: ص:  >  >>