مثل الباشورة وَيسْتَعْمل الأبقار فِيهِ وَيعْمل ذَلِك فِيمَا بَين الْبَحْر وقلعة المقس حَتَّى لَا يبْقى إِلَى الْبَلَد طَرِيق إِلَّا من أَبْوَابهَا. وَفِي ثَانِي ربيع الآخر: نزل الْعَادِل قطية فهم الْفضل بتحريق بلبيس فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ وَقطع أرزاق المرتزقة من جَانب السُّلْطَان وَمن الأحباس على مَكَّة وَالْمَدينَة وَالْفُقَهَاء وأرباب العمائم ليغلق الَّذِي للجند فَمَا سد الْمَأْخُوذ وَلَا انْقَطع الطّلب من الأجناد وثار الضجيج من المساكن. وَوصل الْعَادِل فواقعه الْأَفْضَل فانكسر مِنْهُ وَانْهَزَمَ فَتَبِعهُمْ الْعَادِل إِلَى بركَة الْجب فخيم بهَا وَأقَام ثَمَانِيَة أَيَّام وَلحق الْأَفْضَل بِالْقَاهِرَةِ فَدَخلَهَا يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع ربيع الآخر وخامر جمَاعَة عَلَيْهِ وصاروا إِلَى الْعَادِل وألجأت الضَّرُورَة الْأَفْضَل إِلَى مراسلة الْعَادِل فَطلب مِنْهُ أَن يعوضه عَن ديار مصر بِدِمَشْق فَامْتنعَ الْعَادِل وَقَالَ: لَا تحوجني أَن أخرق ناموس الْقَاهِرَة وآخذها بِالسَّيْفِ اذْهَبْ إِلَى صرخد وَأَنت أَمن على نَفسك فَلم يجد الْأَفْضَل بدا من التَّسْلِيم لتخاذل أَصْحَابه عَنهُ. فتسلم الْعَادِل الْقَاهِرَة ودخلها يَوْم السبت ثامن عشر ربيع الآخر وَخرج مِنْهَا الْفضل مُنْهَزِمًا فِي ذَلِك الْيَوْم وَكَانَ الْوَزير ضِيَاء الدّين ابْن الْأَثِير قد قدم إِلَى مصر وَتمكن من الْأَفْضَل فَلَمَّا تسلم الْعَادِل الْقَاهِرَة فر وَلحق بصرخد وَكَانَت مُدَّة اسْتِيلَاء الْفضل على ديار مصر سنة وَاحِدَة وَثَمَانِية وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَخرج إِلَى بِلَاد الشرق فَأَقَامَ بدمياط وَكَانَ مُدَّة إِقَامَته بِالْقَاهِرَةِ لَا يقدر أَن يَخْلُو بِنَفسِهِ فِي ليل وَلَا نَهَار وَكَانَ الْأُمَرَاء قد حجروا عَلَيْهِ أَن يَخْلُو بِأحد وَكَانَت الضَّرُورَة ملجئة إِلَى موافقتهم. وَأقَام الْعَادِل بِالْقَاهِرَةِ على أتابكية الْملك الْمَنْصُور وَحلف لَهُ الْأُمَرَاء على مساعدته ليقوم بأتابكية الْمَنْصُور إِلَى أَن يتأهل للاستقلال بِالْقيامِ بِأُمُور المملكة فَلم يسْتَمر ذَلِك. فَانْتقضَ الْأَمر فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين من شَوَّال وَذَلِكَ أَن الْملك الْعَادِل احضر جمَاعَة من الْأُمَرَاء وَقَالَ لَهُم: إِنَّه قَبِيح بِي أَن أكون أتابك صبي مَعَ الشيخوخة والتقدم وَالْملك لَيْسَ هُوَ بالارث وَإِنَّمَا هُوَ لمن غلب وَأَنه كَانَ يجب أَن أكون بعد أخي الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين غير أَنِّي تركت ذَلِك إِكْرَاما لأخي ورعاية لحقه فَلَمَّا كَانَ من الِاخْتِلَاف مَا قد علمْتُم خفت أَن يخرج الْملك عَن يَدي وَيَد أَوْلَاد أخي فسست الْأَمر إِلَى آخِره فَمَا رَأَيْت الْحَال ينصلح إِلَّا بقيامي فِيهِ ونهوضي بأعبائه فَلَمَّا ملكت هَذِه الْبِلَاد وطنت نَفسِي على أتابكية هَذَا الصَّبِي حَتَّى يبلغ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute