صفر سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة، وَله فِي الْخلَافَة خمس عشرَة سنة وَسَبْعَة أشهر وَسِتَّة أَيَّام. وانقرضت دولة بني الْعَبَّاس بزواله، وَصَارَ النَّاس بِغَيْر خَليفَة إِلَى سنة تسع وَخمسين وسِتمِائَة، فأقيم فِي تِلْكَ السّنة خَليفَة بِمصْر قدم إِلَيْهَا من بَغْدَاد، لقب بالمستنصر بِاللَّه أَحْمد بن الظَّاهِر بن النَّاصِر، وَسَار يُرِيد بَغْدَاد فحاربه التتار وقتلوه، قبل أَن تتمّ لَهُ سنة مُنْذُ بُويِعَ بِمصْر، فَصَارَ من بعده مُلُوك مصر الأتراك يُقِيمُونَ رجلا يسمونه الْخَلِيفَة، ويلقبونه بلقب الْخُلَفَاء، وَلَيْسَ لَهُ أَمر وَلَا نهي وَلَا نُفُوذ كلمة، بل يتَرَدَّد إِلَى أَبْوَاب الْأُمَرَاء وأعيان الْكتاب والقضاة، لتهنئتهم بالأعياد والشهور، وَسَيَأْتِي ذكرهم إِن شَاءَ الله.
[ذكر دولة بني بويه الديلم]
وَيُقَال فِي أصل الديلم إِن باسل بن ضبة بن أد بن طابخة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار ابْن معد بن عدنان خرج مغاضبا لِأَبِيهِ، فَوَقع فِي أَرض الديلم، فَتزَوج امْرَأَة من الْعَجم، فَولدت لَهُ دَيْلَم بن باسل فَهُوَ أَبُو الديلم كلهم. وهم أفخاذ وعشائر، وَمِنْهُم مُلُوك بني بويه. وَكَانَ سَبَب ظهروهم أَن الْحسن بن عَليّ بن الْحسن بن زيد بن عمر بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب الزيدي الأطروش دخل الديلم، وَأقَام نَحْو أَربع عشرَة سنة يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام، ويقتصر مِنْهُم على الْعشْر، ويدافع عَنْهُم، فَأسلم مِنْهُم خلق كثير، وتلقب بالناصر للحق، واجتمعوا عَلَيْهِ، وَبني فِي بِلَادهمْ مَسَاجِد، وحثهم على الْخُرُوج مَعَه إِلَى طبرستان حَتَّى أجابوه، وَقَاتل بهم أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم صعلوك وهزمه، وَقتل من أَصْحَابه سَبْعَة آلَاف، وَعَاد إِلَى آمل ظافرا، وَاسْتولى على طبرستان فِي جمادي الْآخِرَه سنة إِحْدَى وثلاثمائة، وَعَاد إِلَى بَغْدَاد. وَمَات النَّاصِر - بعد أَن ملك طبرستان ثَلَاث سِنِين وَثَلَاثَة أشهر وأياما - فِي شعْبَان سنة أر بِعْ وثلاثمائة، وَله تسع وَسَبْعُونَ سنة. فَبَقيت بعده طبرستان فِي أَيدي العلوية اثنتى عشرَة سنة، ثمَّ انْتَقَلت عَنْهُم إِلَى أُمَرَاء الديلم. وَلما مَاتَ النَّاصِر ولى ابْنه أَبُو الْحُسَيْن، فَقدم جرجان وَأقَام بهَا، وَصَاحب