ربيع الأول سنة تسعين وَخَمْسمِائة، وَحمل رَأسه إِلَى بَغْدَاد فَكَانَ آخر السلجوقية، وَملك بعده خوارزم شاه. فَكَانَت مدتهم، من سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة إِلَى سنة تسعين وَخَمْسمِائة، مائَة وَثَمَانِية وَخمسين سنة. وَكَانَ أَسد الدّين شيركوه بن شادي قد تقدم عِنْد نور الدّين مَحْمُود بن زنكي، وَبَعثه أَمِير الْحَاج من دمشق، ثمَّ سيره مَعَ شاور بن مجير السَّعْدِيّ وَزِير الْخَلِيفَة العاضد الفاطمي على عَسْكَر من الغز إِلَى مصر. وَكَانَ شيركوه هَذَا وَأَخُوهُ نجم الدّين من بلد دوين أحد بِلَاد آذربيجان، وأصلهما من الأكراد، فخدما مُجَاهِد الدّين بهروز شحنة بَغْدَاد، فَجعل أَيُّوب مستحفظا لقلعة تكريت، فَسَار إِلَيْهَا وَمَعَهُ أَخُوهُ شيركوه، وَهُوَ أَصْغَر مِنْهُ سنا، فخدم الشَّهِيد زنكي لما انهزم، فَشكر لَهُ ذَلِك. ثمَّ إِن شيركوه قتل رجلا بتكريت، فطرد وَهُوَ وَأَخُوهُ من القلعة، فَسَار إِلَى زنكي فَأحْسن إِلَيْهِمَا، وأقطعهما إقطاعا حسنا، ثمَّ جعل أَيُّوب مستحفظا لقلعة بعلبك، ثمَّ ترقي وَصَارَ من أُمَرَاء دمشق. واتصل شيركوه بِنور الدّين مَحْمُود بن زنكي، وخدمه فِي أَيَّام أَبِيه، فَلَمَّا ملك حلب بعد أَبِيه، كَانَ لنجم الدّين أَيُّوب عمل كَبِير فِي أَخذه دمشق، فزادت مكانتهما عِنْده، وَلم يرد أحد يَلِيق بِهِ أَن يسير مَعَ شاور إِلَى مصر سوى شيركوه، فَبَعثه إِلَيْهَا وَمَعَهُ ابْن أَخِيه صَلَاح الدّين يُوسُف، فَكَانَ من أمره مَا ذكر فِي أَخْبَار العاضد، فَلَمَّا مَاتَ شيركوه قَامَ من بعد صَلَاح الدّين يُوسُف، كَمَا سنقف عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين
يُوسُف بن أَيُّوب بن شادي بن مَرْوَان بن أبي عَليّ بن عنترة الْحسن بن عَليّ بن أَحْمد بن أبي عَليّ بن عبد الْعَزِيز بن هدبة بن الْحصين بن الْحَارِث ين سِنَان بن عَمْرو بن مرّة ابْن عَوْف. وَمن هُنَا اخْتلف النسابون: فَقيل عَوْف بن أُسَامَة بن نبهش بن الحارثة صَاحب الْحمالَة بن عَوْف بن أبي حَارِثَة بن مرّة بن نشبة بن غيظ بن مرّة بن عَوْف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان. وَيُقَال إِن عَليّ بن أَحْمد يعرف بالخراساني، مدحه المتنبي بقصيد مِنْهَا:
(شَرق الجو بالغبار إِذا ... سَار على بن أَحْمد القمقام)
وَقيل إِن مَرْوَان من أَوْلَاد بني أُميَّة، زعم ذَلِك إِسْمَاعِيل بن طغتكين بن أَيُّوب، وَأنكر