للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(سنة أَربع وَسَبْعمائة)

فِي مستهل الْمحرم: قدم الْبَرِيد بوصول الْأَمِير سيف الدّين قطايا بن سيغرا أَمِير بني كلاب فِي عدَّة من مَشَايِخ الْعَرَب ثمَّ قدم فَأكْرمه السُّلْطَان والأمراء وأعيدوا إِلَى حلب. وَكَانَ من خبر قطايا أَنه لما خرج عَن طَاعَة السُّلْطَان وعاث فِي أَعمال حلب وأفسد طلبه عَسَاكِر حلب ففر إِلَى بِلَاد الشرق وَأقَام مَعَ الْمغل فأكرموه مُدَّة حَيَاة الْملك مَحْمُود غازان حَتَّى مَاتَ فَلم يجد بعدئذ مَا كَانَ بعهده فترامى على نَائِب حلب ومازال يستعطفه فِي أَن يَأْذَن لَهُ فِي الْعود بعد الشَّفَاعَة لَهُ إِلَى السُّلْطَان فَأجَاب سُؤَاله وَكَاتب فِيهِ فعفي عَن ذَنبه أُعِيدَت لَهُ إقطاعاته بحلب. وَقدم الْبَرِيد بِوُقُوع الْفِتْنَة بَين الْأُمَرَاء أسندمر كرجي نَائِب طرابلس والأمير بالوج الحسامي من أمرائها من أجل أَن أسندمر استخدم فِي ديوانه سامرياً كَاتبا يُقَال لَهُ أَبُو السرُور فَزَاد تحكمه وَأخذ يتجر لمخدومه فِي عدَّة بضائع وَركب الْخُيُول المسومة بالسروج المحلاة بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَتصرف فِي عَامَّة الْأُمُور بطرابلس حَتَّى كثرت أَمْوَاله وسعاداته وتزايد شَره وضرره وَكَثُرت شكاية النَّاس مِنْهُ. فَقَامَ الْأَمِير بالوج فِي ذَلِك وتحدث مَعَ أُمَرَاء طرابلس فِي إِزَالَته عَن الْمُسلمين وواعدهم على نصرته ومعاونته إيَّاهُم. ثمَّ قَامَ فِي يَوْم الموكب للنائب أسندمر وَذكر لَهُ مَا أصَاب النَّاس من كَاتبه السامري وَمَا هم فِيهِ من الضَّرَر فَرد عَلَيْهِ رد اً غير جيد وجبهه بالتكذيب فِيمَا نَقله وَأَغْلظ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ غضب الْأَمِير بالوج مِنْهُ - وَكَانَ قوي النَّفس شرس الْأَخْلَاق - وَحلف بالأيمان الْمُغَلَّظَة ليضربن رَقَبَة السامري وَقَامَ من مجْلِس النَّائِب. فَكتب فِيهِ النَّائِب أسندمر يشكو مِنْهُ شكوى طَوِيلَة عريضة فأعيد جَوَابه بِالْقَبْضِ على الْأَمِير بالوج وحبسه فَأخذ سَيْفه وسجنه فاشتدت عِنْد ذَلِك وَطْأَة السامري على النَّاس فتجردوا لَهُ وَكَتَبُوا فِيهِ محَاضِر بقوادح حفظت عَنهُ وأثبتوها بِدِمَشْق. فَكتب الْأَمِير جمال الدّين أقوش الأفرم نَائِب الشَّام فِيهِ فَقَامَ الْأَمِير بيبرس الجاشنكير فِي ذَلِك. وَكتب بِحمْل السامره إِلَى دمشق وتسليمه للْقَاضِي الْمَالِكِي. والإفراج عَن بالوج فأفرج عَنهُ وأنعم عَلَيْهِ وَقيد السامري وَسلمهُ للبريد فَسَار بِهِ إِلَى حمص فاتفق قَتله بهَا واتهم أسندمر أَنه دس عَلَيْهِ من ضرب عُنُقه حَتَّى لَا يتَمَكَّن مِنْهُ فَحملت رَأسه إِلَى دمشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>