وَفِيهِمَا حكم قَاضِي الْمَالِكِيَّة بإراقة دم شمس الدّين مُحَمَّد بن الباجريقي ففر من دمشق وَقدم الْأَمِير سلار من الْحبّ فِي نصف صفر وَقد فعل فِي الْحجاز أفعالاً جميلَة مِنْهَا: أَنه كتب أَسمَاء المجاورين بِمَكَّة وأوفى عَنْهُم جَمِيع مَا كَانَ عَلَيْهِم من الدُّيُون لأربابها وَأعْطى لكل مِنْهُم بعد وَفَاء دينه مئونة سنة ووصلت مراكبه إِلَى جدة سَالِمَة فَفرق مَا فِيهَا على سَائِر أهل مَكَّة جليلهم وحقيرهم وَكتب سَائِر الْفُقَرَاء وَجَمِيع الْأَشْرَاف وَحمل إِلَيْهِم الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَالْغلَّة بِقدر كِفَايَة كل مِنْهُم سنة فَلم تبْق بِمَكَّة امْرَأَة وَلَا رجل وَلَا صَغِير وَلَا كَبِير وَلَا غَنِي وَلَا فَقير عبد أَو حر شرِيف أَو غير شرِيف إِلَّا وَعَمه ذَلِك ثمَّ استدعى الزيلع وَفرق فيهم الذَّهَب وَالْفِضَّة والغلال وَالسكر والحلوى حَتَّى عَم سَائِرهمْ وَبعث مباشريه إِلَى جدة فَفَعَلُوا فِيهَا كَمَا فعل هُوَ بِمَكَّة. وَحمل مَا بَقِي إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة فَمَا بلغ وَادي بني سَالم وجد الْعَرَب قد أخذُوا عدَّة جمال من الْحجَّاج فَتَبِعهُمْ واخذ مِنْهُم خمسين رجلا فأفتاه الْفُقَهَاء بِأَنَّهُم محاربون فَقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف وَعم أهل الْمَدِينَة بالعطايا كَمَا عَم أهل مَكَّة فَكَانَ النَّاس بالحرمين يَقُولُونَ: يَا سلار! كَفاك الله هم النَّار وَلم يسمع عَن أحد فعل من الْخَيْر كَمَا فعل. وَقدم الْبَرِيد من حلب بِحُضُور جمَاعَة من الْمغل وافدين إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام نَحْو مِائَتي فَارس بنسائهم وَأَوْلَادهمْ وَفِيهِمْ عدَّة من أقَارِب غازان وَبَعض أَوْلَاد سنقر الْأَشْقَر فَكتب بإكرامهم فقدموا إِلَى الْقَاهِرَة فِي جُمَادَى الأولى وَقدم مَعَهم أخوا سلار وهما فَخر الدّين دَاوُد وَسيف الدّين جبا وقدمت أَيْضا أم سلار. فرتبت لَهُم الرَّوَاتِب وأعطوا الإقطاعات وَفرق جمَاعَة مِنْهُم على الْأُمَرَاء. وَأَنْشَأَ سلار لأمه دَارا بإسطبل الجوق الَّذِي عمله الْعَادِل كتبغا ميداناً ثمَّ عرف بحكر الخازن ورقى أَخَوَيْهِ وَأَعْطَاهُمْ الإمريات وَقدم الْأَمِير حسام الدّين أزدمر المجيري وعماد الدّين على بن عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْعلي بن معرف بن السكرِي من بِلَاد الشرق إِلَى دمشق فِي رَابِع عشرى شعْبَان ودخلا الْقَاهِرَة أول رَمَضَان ومعهما كتاب خر بندا وهديته فتضمن كِتَابه جُلُوسه على تخت الْملك بعد أَخِيه مَحْمُود غازان وخاطب السُّلْطَان بالأخوة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute