ثَالِثهَا: أَنه بلغ السُّلْطَان أَن التُّجَّار الْوَارِدَة إِلَى الْقَاهِرَة من الْموصل وحماة ودمشق تربح فِيمَا تجلبه من الثِّيَاب المنسوجة من الْقطن مَالا كثيرا فألزم السماسره أَن لَا تبيع لأحد من هَذَا الصِّنْف شَيْئا بل يكون بأجمعه متجراً للسُّلْطَان فَأخذ تَاجر وَمَعَهُ ثَمَانُون ثوبا وَأخذ آخر وَمَعَهُ عشرَة ثِيَاب وقومت بِأَقَلّ من ثمنهَا فِي بلادها وَكتب إِلَى بِلَاد الشَّام بِأَن لَا تمكن التُّجَّار من حمل شَيْء من ذَلِك إِلَى الْقَاهِرَة فصادف قدوم قفل من الْموصل إِلَى مَدِينَة حماة بِثِيَاب موصلية فرسم عَلَيْهِم حَتَّى رحلوا من حماة. مِمَّا مَعَهم وعبروا إِلَى الْبَريَّة عائدين إِلَى بِلَادهمْ. وَاحْتج عَلَيْهِم بِأَنَّهُم ردوهم لِأَن طول الثِّيَاب نقص عَن ثَلَاثِينَ ذِرَاعا كل ثوب وَأَنه لَا يُمكن أحد مِنْهُم أَن يَبِيع ثوبا حَتَّى يكون ثَلَاثِينَ ذِرَاعا فِي عرض ذِرَاع وَنصف وَأَن لَا يكون فِيهَا ثوب يغلو ثمنه فَحل بِالنَّاسِ بلَاء لَا يُمكن حكايته وَخَربَتْ الْموصل بعد ذَلِك وَبَطل عمل الثِّيَاب بهَا كَمَا سَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَقدم مَعَ ذَلِك الْحمل من جَزِيرَة قبرس وَفِيه ثِيَاب صوف فَحملت إِلَى دمشق وَهِي ثَمَانمِائَة ثوب مطرح الثَّوْب بِثمَانِيَة عشر دِينَارا وَيحْتَاج إِلَى دِينَار آخر كلفه فأبيع أحْسنهَا بِاثْنَيْ عشر دِينَارا فخسر كل ثوب سَبْعَة دَنَانِير وَطرح بهَا أَيْضا السكر الْمَعْمُول بالأغوار على النَّاس فَلم يكد يسلم أحد من الْأَخْذ مِنْهُ وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور. شهر صفر أَوله الثُّلَاثَاء: فِيهِ جبيت أَثمَان البضائع بالعسف. وَفِي حادي عشرينه: كتب على يَد نجاب بِحُضُور الطواشي فَيْرُوز الساقي من الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة. شهر ربيع الأول أَوله الْخَمِيس: فِيهِ ترك طَائِفَة كَبِيرَة من مماليك السُّلْطَان الجلب الَّذين يسكنون الطباق بقلعة الْجَبَل إِلَى بَيت الْأَمِير زين الدّين عبد الْقَادِر بن أبي الْفرج أستادار وتسوروا الجدران حَتَّى دَخَلُوهُ فنهبوا مَا فِيهِ وَكَانَ غَائِبا عَنهُ وعبثوا فِي طريقهم بِالنَّاسِ فَأخذُوا مَا قدرُوا على أَخذه ثمَّ مضوا إِلَى بَيت نَاظر الدِّيوَان الْمُفْرد ثمَّ إِلَى بَيت الْوَزير فأدركهم مقدم المماليك والزمام وتلطفا بهم حَتَّى انصرفوا عَن بَيت الْوَزير وَسبب ذَلِك تَأَخّر جوامكهم بالديوان الْمُفْرد لشهرين فَلَمَّا شكوا ذَلِك إِلَى السُّلْطَان قَالَ لَهُم امضوا إِلَى المباشرين. فنزلوا وَكَانَ يَوْمًا شنعاً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute