يقبضوا على الْأَمِير جقمق وَمن مَعَه من الْأُمَرَاء وعَلى أَخدْ عبد الباسط وناظر الْخَاص فَلم يوافقهم الْأَمِير أينال ومنعهم من ذَلِك مرَارًا. فَلَمَّا علم جكم بمخالفة أينال لَهُ أَخذ يدبر مَعَ أَصْحَابه فِي قتل أينال فعندما أَرَادوا الْإِيقَاع بِهِ أعلمهُ بعض أَصْحَابه بذلك ففر مِنْهُم وَقد حماه مِنْهُم بَعضهم كَمَا تقدم ذكره وإلتجأ إِلَى الْأَمِير جقمق وقص عَلَيْهِ الْخَبَر. ومازال يُوضحهُ للأمير حَتَّى تبين لَهُ صِحَة مقَالَته فأختص بِهِ وبإين من حِينَئِذٍ أينال الأشرفية وَصَارَ فِي جملَة الْأَمِير جقمق هُوَ وجماعته فَكَانَ هَذَا أول زَوَال دولة الْعَزِيز وَصَارَ أينال يبكى فِي خلواته وَيَقُول: مَا كَانَ جَزَاء الْملك الْأَشْرَف منى أَنه إشترانى ورباني وَعَلمنِي الْقُرْآن وخولني فِي نعمه أَن أخرب بَيته بيَدي وَلَقَد بَلغنِي من جِهَة صَحِيحَة أَن الْأَشْرَف برسباى نظر إِلَى أينال هَذَا فِي مرض مَوته ثمَّ قَالَ لمن حَضَره عِنْده وأينال قَائِم على قَدَمَيْهِ هَذَا مخرب بَيْتِي. وَقد قيل قديمَاً: إتق شَرّ من أَحْسَنت وَفِي يَوْم الْأَحَد هَذَا: قدم الْأَمِير تغرى بردى المؤذى وَمن مَعَه من التجريدة إِلَى البجرة بَعْدَمَا عاثوا وأفسدوا كَمَا هِيَ عَادَتهم. وَفِيه قدم الْخَبَر بِأَن الْعَسْكَر الْمُجَرّد قدم إِلَى دمشق فِي خامسه. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء عشرينه: أفرج عَن جكم خَال السُّلْطَان وَمن سجن مَعَه وخلع عَلَيْهِ بشفاعة السُّلْطَان فيهم. وَفِي يَوْم الْخَمِيس ثَانِي عشرينه: صعد الْأَمِير الْكَبِير جقمق وَسَائِر الْأُمَرَاء والمباشرون إِلَى الْخدمَة السُّلْطَانِيَّة. وَمنع المماليك الأشرفية من العبور إِلَى الْقصر فِي وَقت الْخدمَة وَذَلِكَ أَن الْأَمِير الْكَبِير لما ظهر عَلَيْهِم وأنزلهم من الطاق الَّتِي بالقلعة كَانَ مِمَّا حلفهم عَلَيْهِ أَلا يدْخل إِلَى الْقصر فِي الْخدمَة مِنْهُم أحد إِلَّا من لَهُ نوبَة فِي يَوْم نوبتة لَا غير. وَفِيه خلع على الْأَمِير الْكَبِير جقمق تشريف جليل وَنزل من الْقصر بعد إنقضاء الْخدمَة إِلَى الحراقة بِبَاب السلسلة وسكنها على أَنه على أُمُور الدولة وتدبير المملكة وَتخرج الإقطاعات على مَا يُرِيد ويختار ويولى ويعزل وَمعنى هَذَا أَن السُّلْطَان لَا يبْقى لَهُ أَمر وَلَا نهى ويقتصر من السلطنة على مُجَرّد الإسم فَقَط. فشق ذَلِك على الأشرفية وَركب عدَّة مِنْهُم ووقفوا تَحت القلعة بالرميلة وَأَكْثرُوا من الْكَلَام فِي الْإِنْكَار لما كَانَ من سُكْنى الْأَمِير الْكَبِير بِبَاب السلسلة. ثمَّ إنفضوا فَأخذ الْأَمِير الْكَبِير يحصن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute