للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ألف ألف ومائتي ألف دِرْهَم سوى مَا لَهُم من لحم وعليق خيولهم وكسوتهم. وحامكية الْمَمْلُوك مِنْهُم من أَرْبَعمِائَة إِلَى خَمْسمِائَة وَكَانَت أَولا الْمِائَة دِرْهَم عَنْهَا خَمْسَة مَثَاقِيل ذَهَبا فَجعل المباشرون المثقال بِهَذَا السّعر لعلمهم أَن الْأَمْتِعَة لَا تنزل عَن سعرها من الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَنَّهُمْ لَا يُنْفقُونَ للمماليك إِلَّا الْفُلُوس وَقَطعُوا ضرب الْفضة وَأَكْثرُوا من ضرب الْفُلُوس فرخصت الْفُلُوس وبذل الْكثير مِنْهَا فِي الذَّهَب لقلَّة الْفضة وَكَثْرَة احْتِيَاج الْمُسَافِرين إِلَى حمل النُّقُود حَتَّى بلغ الدِّينَار إِلَى هَذَا الْقدر فَصَارَ الدِّرْهَم بعد أَن كَانَ قيراطاً وَبَعض قِيرَاط من الدِّينَار لَا يُسَاوِي كل خَمْسَة مِنْهُ أَو سِتَّة قيراطا. واستمرت نَفَقَة المماليك على ذَلِك وهم لَا يَشْعُرُونَ بِحَقِيقَة الْحَال فَعم الْفساد وَخص الْفُقَهَاء وَنَحْوهم من ذَلِك أعظم الْبلوى. ومؤسس هَذَا الْفساد بديار مصر رجلَانِ هما: سعد الدّين إِبْرَاهِيم بن غراب وجمال الدّين يُوسُف الأستادار وَذَلِكَ أَن ابْن غراب مُنْذُ ولي نظر الْخَاص فِي آخر الْأَيَّام الظَّاهِرِيَّة لم يزل لِكَثْرَة مَا ظفر بِهِ من الذَّهَب يزِيد فِي سعره حَتَّى بلغ هَذَا الْقدر وَهُوَ آخذ فِي الزِّيَادَة أَيْضا على هَذَا الْقدر. وَأما جمال الدّين فَإِنَّهُ مُنْذُ كَانَ يَلِي أستادارية الْأَمِير بجاس فِي أُجْرَة الراضي: ثمَّ لما مَاتَ الظَّاهِر ولي فِي الْأَيَّام الناصرية أستادارية جمَاعَة كَثِيرَة من الْأُمَرَاء الأكابر فَجرى على عَادَته وَزَاد فِي أجر الْأَرَاضِي حَتَّى عمل ذَلِك كل أحد وَصَارَ بِاعْتِبَار غلاء سعر الذَّهَب كل شَيْء يُبَاع فَإِنَّهُ بأضعاف ثمنه وَبِاعْتِبَار غلاء الأطيان لَا يُرْجَى الرخَاء وَهَذَانِ الفسادان سَبَب عَظِيم فِي خراب إقليم مصر وَزَوَال نعم أَهله سَرِيعا إِلَّا أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئا. وَفِي أَوله: كتب باستقرار الْأَمِير خير بك فِي نِيَابَة غَزَّة. وَفِي يَوْم الْأَحَد ثالثه: اسْتَقر شمس الدّين مُحَمَّد بن عبد الْخَالِق الْمَنَاوِيّ - الْمَعْرُوف بالطويل وبالبدنة - فِي حسبَة الْقَاهِرَة وَصرف الْهوى. وَفِي رابعه: نُودي على النّيل. وَفِي حادي عشرينه: قدم الركب الأول من الْحَاج إِلَى الْقَاهِرَة وَقدم الْمحمل بِبَقِيَّة الْحَاج من الْغَد. وَفِي خَامِس عشرينه: نُودي فِي المماليك السُّلْطَانِيَّة بِالْعرضِ لأخذ نَفَقَة السّفر. وَفِي ثامن عشرينه ابْتَدَأَ السُّلْطَان فِي نَفَقَة المماليك يفرقها عَلَيْهِم فأنفق لكل وَاحِد أَرْبَعِينَ مِثْقَالا فبلغت النَّفَقَة على ثَلَاثَة آلَاف. وَنُودِيَ فِي يَوْمه بِأَن سعر كل مِثْقَال بِمِائَة وَخمسين بعد مائَة وَثَلَاثِينَ فَكثر الضَّرَر بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>