فَلَمَّا عظم أمره عقد الْأُمَرَاء المشور بَين يَدي السُّلْطَان الْملك الصَّالح فِي مستهل شَوَّال سنة أَربع وَخمسين وَسَبْعمائة فِي أَمر عرب الصَّعِيد. وقرروا تَجْرِيد الْعَسْكَر لَهُم صُحْبَة الْأَمِير سيف الدّين شيخو الْعُمْرَى رَأس نوبَة وَمَعَهُ اثنى عشر مقدما. بمضافيهم من أُمَرَاء الطبلخاناه والعشرات وهم أسندمر الْعُمْرَى وطشتمر القاسمي وقطلوبغا الطرخانى وأرلان وبزلار أَمِير سلَاح وكلتاى أَخُو طاز واصر على بن أرغون النَّائِب وتنكز بغا وجركتمر ويلجك قريب قوصون وقطلوبغا الذهبى وَأَن يتَوَجَّه كلتاى وَابْن أرغون النَّائِب نَحْو الشرق بالإطفيحية وَيتَوَجَّهُ يلجك إِلَى الفيوم وبزلار وأرلان نَحْو الواح وَيتَوَجَّهُ الْأَمِير شيخو بِبَقِيَّة الْأُمَرَاء إِلَى جِهَة قوص ويتأخر فِي صُحْبَة السُّلْطَان عِنْد سَفَره الْأَمِير طاز والأمير صرغتمش والأمير قجا أَمِير شكار. فَيتَوَجَّه السُّلْطَان نَحْو البهنسا كَأَنَّهُ يتصيد وَأَن يكون السّفر فِي ذِي الْقعدَة فَيتَوَجَّه الْأُمَرَاء أَولا ثمَّ يركب السُّلْطَان بعدهمْ. فطار الْخَبَر إِلَى عَامَّة بِلَاد الْوَجْه القبلي فَأخذ العربان حذرهم فَمنهمْ من عزم على الدُّخُول بأَهْله إِلَى بِلَاد النّوبَة وَمِنْهُم من اختفي فِي مَوضِع أعده ليأمن فِيهِ على نَفسه وَمِنْهُم من عزم على الْحَج وَقدم إِلَى مصر فَفطن بهم أعداؤهم ودلوا عَلَيْهِم الْأُمَرَاء. فَقبض على جمَاعَة مِمَّن قدم مصر نَحْو الْعشْرَة وَأخذ مَا مَعَهم. ثمَّ ركب الْأَمِير شيخو إِلَى بركَة الْحَاج فِي عدَّة وافرة وأحاط بالركب وتتبع الْخيام وَغَيرهَا بعد مَا حذر من أُخْفِي الْعَرَب فَقبض على جمَاعَة مِنْهُم وَقتل من عرف مِنْهُم بِفساد وَأطلق من شكر حَاله. ثمَّ توجه الْأُمَرَاء فِي ذِي الْقعدَة وعدى السُّلْطَان. مِمَّن مَعَه من بَقِيَّة الْأُمَرَاء إِلَى بر الجيزة فكبست بِلَاد الجيزة بعد مَا كتب لمتوليها ومشايخها وأرباب أدراكها أَنهم لَا يخفون أحدا من الْعَرَب وَلَا من أَوْلَادهم وَنِسَائِهِمْ فَأخذ الصَّالح والطالح. وَقبض الْأُمَرَاء على الْخُيُول وَالسُّيُوف حَتَّى لم يبْق بِبِلَاد الجيزة فرس وَلَا سيف وأحضروا أَصْحَابهَا إِلَى الوطاق. واستدعى الْوَالِي ومشايخ العربان وَعرض من قبض عَلَيْهِ فَمن عرفوه أَنه من أهل الْبِلَاد أفرج عَنهُ وَمن لم يعرفوه قيد وَحمل إِلَى الْقَاهِرَة فسجن بهَا. وَعرضت الْخُيُول فَمن عرف فرسه من الفلاحين رسم لَهُ بِبَيْعِهَا فِي سوق الْخَيل تَحت القلعة وَحمل ثمنهَا إِلَى الدِّيوَان مِمَّا عَلَيْهِ من الْخراج. ورسم بِمثل ذَلِك فِيمَا يحضر من خُيُول فلاحي بَقِيَّة النواحي أَي أَن الْفَلاح يَبِيعهَا ويورد ثمنهَا فِيمَا عَلَيْهِ من الْخراج إِمَّا الْأَمِير أَو للجندي. فامتثل ذَلِك وَعمل بِهِ وسيقت خُيُول المفسدين وَمن لم يعرف لَهُ صَاحب حمل إِلَى إصطبل السُّلْطَان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute