للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأسماء الْأُمَرَاء وأفزر لكل مِنْهُم قِيَاسا مَعْلُوما فَتَوَلّى قِيَاس ذَلِك عدَّة من المهندسين مَعَ الْأَمِير بيبرس الحاحب. وابتدأ الْأُمَرَاء فِي الْحفر يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع عشري ربيع الأول وَرفعُوا الطين على بغالهم ودوابهم إِلَى شاطئ النّيل حَيْثُ عمل الزريبة. فَلم يزل الْحفر مستمراً إِلَى أَن قرب من كَنِيسَة الزُّهْرِيّ وأحاط بهَا الْحفر من دايرها وَصَارَت فِي الْوسط بِحَيْثُ تمنع من اتساع الْبركَة. فَعرف الْأَمِير أقسنقر شاد العمائر السُّلْطَان بذلك فَأمره أَن يُبَالغ فِي الْحفر حولهَا حَتَّى تتَعَلَّق وَإِذا دخل اللَّيْل فيدع الْأُمَرَاء تَهدمهَا ويشيع أَنَّهَا سَقَطت على غَفلَة مِنْهُم فاعتمد الْحفر فِيمَا حولهَا وكتم مَا يُريدهُ وَصَارَت غلْمَان الْأُمَرَاء تصرخ وتريد هد الْكَنِيسَة وآقسنقر يمنعهُم من ذَلِك. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع ربيع الآخر: بَطل الْعَمَل وَقت الصَّلَاة لاشتغال الْأُمَرَاء بِالصَّلَاةِ فَاجْتمع من الغلمان والعامة طَائِفَة كَبِيرَة وصرخوا صَوتا وَاحِدًا الله أكبر ووقعوا فِي أَرْكَان الْكَنِيسَة بِالْمَسَاحِي والفوس حَتَّى صَارَت كوماً وَوَقع من فِيهَا من النَّصَارَى وانتهب الْعَامَّة مَا كَانَ بهَا. والتفتوا إِلَى كَنِيسَة الْحَمْرَاء المجاوره لَهَا وَكَانَت من أعظم كنائس النَّصَارَى وفيهَا مَال كَبِير وعدة من النَّصَارَى مَا بَين رجال وَنسَاء مترهبات فَصَعدت الْعَامَّة فَوْقهَا وفتحوا أَبْوَابهَا ونهبوا أموالها وخمورها. وانتقلوا إِلَى كَنِيسَة بومنا بجوار السَّبع سقايات وَكَانَت معبدًا جَلِيلًا من معابد النَّصَارَى فكسروا بَابهَا ونهبوا مَا فِيهَا وَقتلُوا مِنْهَا جمَاعَة وَسبوا بَنَات كَانُوا بهَا تزيد عدتهن على سِتِّينَ بكرا فَمَا انْقَضتْ الصَّلَاة حَتَّى ماجت الأَرْض فَلَمَّا خرج النَّاس من الْجَامِع رَأَوْا غباراً ودخان الْحَرِيق قد ارتفعا إِلَى السَّمَاء وَمَا فِي الْعَامَّة إِلَّا من بِيَدِهِ بنت قد سباها أَو جرة خمر أَو ثوب أَو شَيْء من النهب فدهشوا وظنوا أَنَّهَا السَّاعَة قد قَامَت. وانتشر الْخَبَر من السَّبع سقايات إِلَى تَحت القلعة فَأنْكر السُّلْطَان ارْتِفَاع الْأَصْوَات بالضجيج وَأمر الْأَمِير أيدغمش بكشف لخَبر. فَلَمَّا بلغه مَا وَقع انزعج لذَلِك انزعاجاً زَائِدا وَتقدم إِلَى أيدغمش أَمِير أخور فَركب بالوشاقية ليقْبض على الْعَامَّة ويشهرهم. فَمَا هُوَ إِلَّا أَن ركب أيدغمش إِذا بملوك الْأَمِير علم الدّين سنجر الخازن مُتَوَلِّي الْقَاهِرَة حضر وَأخْبر بِأَن الْعَامَّة ثارت بِالْقَاهِرَةِ وأخربوا كَنِيسَة بحارة الرّوم وكنيسة بحارة زويلة وَأَنه ركب خوفًا على الْقَاهِرَة من النهب. وَقدم مَمْلُوك وَالِي مصر وَأخْبر بِأَن عامتها قد تجمعت لهدم كَنِيسَة الْمُعَلقَة حَيْثُ مسكن البترك وأموال النَّصَارَى وَيطْلب نجدة. فلشدة مَا نزل بالسلطان من الْغَضَب هم أَن يركب بِنَفسِهِ ثمَّ أرْدف أيدغمش بأَرْبعَة أُمَرَاء سَارُوا إِلَى مصر وَبعث بيبرس الْحَاجِب وألماس الْحَاجِب إِلَى مَوضِع الْحفر وَبعث طينال إِلَى الْقَاهِرَة ليضعوا السَّيْف فِيمَن وجدوه. فَقَامَتْ الْقَاهِرَة ومصر على

<<  <  ج: ص:  >  >>