ئعصبوا وأخرجوا السِّلَاح وشهدوا على الفرنجي. مِمَّا يُوجب قَتله وَحَمَلُوهُ إِلَى القَاضِي وغلقت أسواق الْمَدِينَة وأبوابها. فَلَمَّا كَانَ بعد عشَاء الْآخِرَة فتحت الْأَبْوَاب ليدحل من كَانَ خَارج الْبَلَد فَمن شدَّة الزحام قتل عشرَة أنفس وَتَلفت أَعْضَاء جمَاعَة وَذَهَبت عمائم وَغَيرهَا لكثير مِنْهُم. وَتبين للكركي تحامل النَّاس على الفرنج فَحمل بِنَفسِهِ وأجناده عَلَيْهِم ليدفعهم عَن الفرنج فَلم يندفعوا وقاتلوه إِلَى أَن هزموه وقصدوا إِخْرَاج الْأُمَرَاء المعتقلين بالثغر. بعد مَا سفكت بَينهمَا دِمَاء كَثِيرَة. فَعِنْدَ ذَلِك بَادر الكركي بمطالعة السُّلْطَان بِهَذِهِ الْحَادِثَة فسرح الطَّائِر بالبطائق يعلم السُّلْطَان فَاشْتَدَّ غَضَبه. وخشي السُّلْطَان خُرُوج الْأُمَرَاء من السجْن وبادر إِلَى أَخذ أَوْلَاد الْأَمِير سيف الدّين الأبو بكري الثَّلَاثَة - وهم على وأسنبغا وَأحمد - فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ تاسعه وجعلهم فِي دَار الْأَمِير ألماس الْحَاجِب. وَأخرج السُّلْطَان الْوَزير مغلطاي الْجمال وطوغان شاد الدَّوَاوِين وَسيف الدّين ألدمر الركني أَمِير جندار فِي جمَاعَة من المماليك السُّلْطَانِيَّة وَمَعَهُمْ نَاظر الْخَاص إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَمَعَهُمْ تَذَاكر. مِمَّا يعْمل من تتبع أهل الْفساد وقتلهم ومصادرة قوم بأعيانهم وتغريم أهل الْبَلَد المَال وَالْقَبْض على أسلحة الْغُزَاة ومسك القَاضِي وَالشُّهُود وتجهيز الْأُمَرَاء المسجونين إِلَى قلعة الْجَبَل فَسَارُوا فِي عاشره ودخلوا الْمَدِينَة. وَجلسَ الْوَزير والناظر بديوان الْخمس وَفرض الْوَزير على النَّاس خَمْسمِائَة ألف دِينَار وَقبض على جمَاعَة من أذلّهم ووسطهم وَقطع أَيدي بَعضهم وأرجلهم وتطلب ابْن رَوَاحَة كَبِير دَار الطّراز ووسطه من أجل أَنه وشي بِهِ أَنه كَانَ يغري الْعَامَّة بالفرنج ويمدهم بِالسِّلَاحِ وَالنَّفقَة. فَحل بِالنَّاسِ من المصادرة بلَاء عَظِيم وَكتب السُّلْطَان ترد شَيْئا بعد شَيْء تَتَضَمَّن الْحَث على سفك دِمَاء المفسدين وَأخذ الْأَمْوَال والوزير يُجيب بِمَا يصلح أَمر النَّاس. ثمَّ استدعى الْوَزير بِالسِّلَاحِ الْمعد للغزاة فَبلغ سِتَّة أُلَّاف عدَّة وَضعهَا كلهَا فِي حَاصِل وَختم عَلَيْهَا وَاسْتمرّ نَحْو الْعشْرين يَوْمًا فِي سفك دِمَاء وَأخذ أَمْوَال حَتَّى جمع مَا ينيف على مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ ألف دِينَار وَقدم الْوَزير عماد الدّين مُحَمَّد ابْن اسحاق بن مُحَمَّد البلبيسي قَاضِي الْإسْكَنْدَريَّة ليشنق ثمَّ أَخّرهُ وَكَاتب السُّلْطَان بِأَنَّهُ كشف عَن أمره فَوجدَ مَا نقل عَنهُ غير صَحِيح. وَبعث الْوَزير المسجونين إِلَى قلعة الْجَبَل فِي طَائِفَة مَعَهم لحفظهم فقدموا فِي ثامن عشره وهم البوبكري وتمر الساقي وسنجر الجاولي وبهادر الْمعز وطغلق وأمير غَانِم وقطلوبك الوشاقي وأيدمر اليونسي وكجلي نَائِب قلعة الرّوم. فَأخْرج البوبكري وتمر الساقي إِلَى الكرك وسجن الجاولي وبهادر المعزي فِي البرج بالقلعة وَأنزل بطغلق وأمير غَانِم وقطلوبك وأيدمر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute