على كلمة وَاحِدَة فَقُمْ والبس قماشك فميعادنا بَاب الْقلَّة عِنْد خُرُوجهمْ من الْجَامِع. فَنقل ذَلِك لمخدومه الْأَمِير طرغاي فبادر وَقبض على من عِنْده من مماليك دمرداش ونهض إِلَى السُّلْطَان وأعلمه بالْخبر فسر بذلك. واستدعى السُّلْطَان نقيب الْجَيْش والحاجب وَأسر إِلَيْهِمَا أَن يقبضا على من حضر من مماليك دمرداش بالجامع ويتتبعا من غَابَ مِنْهُم فَقبض على الْجَمِيع قبل إِقَامَة الصَّلَاة. ثمَّ جمع الْأُمَرَاء بعد الصَّلَاة عِنْد السُّلْطَان وعرفهم السُّلْطَان مَا نَقله الْأَمِير طرغاي وَأمر السُّلْطَان أَمِير جندار بعقوبة من قبص عَلَيْهِ فعوقبوا ثمَّ قتل بَعضهم وسجن باقيهم فَإِنَّهُم اعْتَرَفُوا وهم فِي الْعقُوبَة بِأَنَّهُم أَرَادوا أَخذ ثأر استاذهم دمرداش وَقتل الْأُمَرَاء لتصير لَهُم بذلك سمعة فِي بِلَاد الْمشرق. فَخَالف على نَفسه الْأَمِير بهادر الدمرداش وتحرز من السُّلْطَان. شهر صفر أَوله يَوْم الْأَحَد: وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث عشريه: استدعى السُّلْطَان الْأُمَرَاء وأعلمهم أَنه يُرِيد أَن يعْهَد إِلَى وَلَده الإمير نَاصِر الدّين أنوك فأذعنوا لذَلِك كلهم فرسم بركوبه بشعار السلطنة وأحضرت الْخلْع لأرباب الوظالف. ثمَّ انثنى عزم السُّلْطَان عَن ذَلِك وأبطل الْجَمِيع ورسم أَن يلبس آنوك شعار الْأُمَرَاء وَلَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم السلطنة فَركب آنوك وَعَلِيهِ خلعة أطلس أَحْمَر بطرز ذهب وشربوش مكلل مزركش. وَخرج آنوك من بَاب القرافة والأمراء فِي خدمته حَتَّى مر بسوق الْخَيل تَحت القلعة فباس الأَرْض وطلع من بَاب الإسطبل إِلَى بَاب السِّرّ فطلع مِنْهُ وَنَثَرت عَلَيْهِ الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم. وخلع على الْأَمِير ألماس الْحَاجِب والأمير بيبرس الأحمد والأمير أيدغمش أَمِير أخور خلع أطلس وخلع أَيْضا على بَقِيَّة أَرْبَاب الْوَظَائِف وَمد لَهُم سماط عَظِيم وعملت الأفراح الجليلة مُدَّة أَيَّام. وَكَانَ قد رسم بِعَمَل المهم لعقد الْأَمِير آنوك على زَوجته بنت بكتمر الساقي فعقد العقد بِالْقصرِ على صدَاق مبلغه من الذَّهَب اثْنَا عشر ألف دِينَار الْمَقْبُوض مِنْهُ عشرَة أُلَّاف دِينَار. وَفِيه تقدم السُّلْطَان إِلَى الْأَمِير عَلَاء الدّين بن هِلَال الدولة بِجمع الدَّوَاوِين ليختار مِنْهُم من يستخدمه لآنوك فَإِنَّهُ أنعم عَلَيْهِ بإقطاع الْأَمِير مغلطاي الجمالي فَحَضَرَ من الْغَد عدَّة من الدَّوَاوِين فَأخذ السُّلْطَان يسْأَل كلا مِنْهُم ويتعرف خَبره إِلَى أَن وَقع اخْتِيَاره على شرف الدّين النشو فَإِنَّهُ كَانَ قد وقف بَين يَدَيْهِ غير مرّة فِي محاققة فِي خدمَة الْأُمَرَاء فأعجبه كَلَامه ومحاققته ورسم أَن يكون من جلة المستوفين. فَلَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute