فَأخذ يدبر على بكتمر ويلازمه بِحَيْثُ عجز بكتمر أَن ينظر إِلَى زَوجته فَإِنَّهُ كَانَ إِذا ركب أَخذ يسايره بجانبه وَإِذا نزل جلس مَعَه فَإِن مضى إِلَى خيامه بعث فِي طلبه بِحَيْثُ إِنَّه استدعي بِهِ وَهُوَ يتَوَضَّأ بِوَاحِد بعد الآخر من الجمدارية حَتَّى كمل عِنْده عدَّة اثنى عشر جداراً. فَلَمَّا ثارت الرّيح بِالْمَدِينَةِ قصد السُّلْطَان فِي تِلْكَ اللَّيْلَة اغتيال بكتمر وَولده وَأعد لذَلِك جمَاعَة فَهَجَمُوا على أَحْمد بن بكتمر فَلم يتمكنوا مِنْهُ وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُم رَأَوْا حرامية وَقد أخذُوا لَهُم مَتَاعا فَمروا فِي طَلَبهمْ فداخل الصَّبِي مِنْهُم فزع كثير غشي عَلَيْهِ مِنْهُ. وَزَاد احْتِرَاز السُّلْطَان على نَفسه وَتقدم بِأَن تنام الْأُمَرَاء بمماليكهم على بَابه. وَسَار السُّلْطَان من الْمَدِينَة فَيُقَال إِنَّه سقى الصَّبِي مَاء بَارِدًا فِي مسيره كَانَت فِيهِ منيته ثمَّ بعد قَلِيل سقِِي بكتمر بعد موت وَلَده مشروباً فلحق بِهِ. واشتهر ذَلِك حَتَّى أَن زَوْجَة بكتمر لما مَاتَ صاحت وَقَالَت للسُّلْطَان بِصَوْت سَمعه كل من حضر: ياظالم أَيْن تروح من الله وَلَدي وَزَوْجي زَوجي كَانَ مملوكك وَلَدي إيش كَانَ بَيْنك وَبَينه وكررت هَذِه مرَارًا فَلم يجبها. وَقد ذكرنَا تَرْجَمته فِي كتَابنَا الْكَبِير المقفي بِمَا فِيهِ كِفَايَة مَاتَ علم الدّين المشطوب يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشرى ذِي القعده. وَمَات جمال الدّين أَبُو الْحُسَيْن بن مَحْمُود بن أبي الْحُسَيْن مَحْمُود بن أبي سعيد بن أبي الْفضل بن أبي الرِّضَا الربعِي البالسي إِمَام السُّلْطَان فِي سَابِع عشر رَمَضَان ومولده سَابِع عشر رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة واسْمه كنيته وَكَانَ فَاضلا كتب بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة. وَمَات جدي الشَّيْخ محيي الدّين أَبُو مُحَمَّد عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد ابْن تَمِيم بن عبد الصَّمد بن أبي الْحسن بن عبد الصَّمد بن تَمِيم المقريزي بِدِمَشْق فِي ثامن عشرى ربيع الأول وَكَانَ فَقِيها حنبلياً مُحدثا جَلِيلًا سمع بعلبك من زَيْنَب بنت كندي وبدمشق من عمر بن القواس وَجَمَاعَة وَحدث وَكتب بِخَطِّهِ كثيرا وَقَرَأَ كثيرا وَقدم الْقَاهِرَة وعد من أَعْيَان الْفُقَهَاء الْمُحدثين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute