فَضَربهُ ضربا مؤلماً. وَكَانَ السُّلْطَان لَا يتغاضي فِي خرق حرمته ويعاقب من فعل ذَلِك. وفيهَا شكا المماليك السُّلْطَانِيَّة من تَأَخّر كسوتهم فَطلب النشو وألزمه بِحمْل كسوتهم من الْغَد وَمَعَهَا مبلغ عشْرين ألف دِينَار. فَنزل النشو وألزم الطَّيِّبِيّ نَاظر الْمَوَارِيث بتحصيل خَمْسَة أُلَّاف دِينَار وَبعث المقدمين إِلَى الْأَسْوَاق ففتحوا حوانيت التُّجَّار وَأخذُوا كسْوَة المماليك وحوائصهم وأخفافهم ونعالهم وَغير ذَلِك وَأخذُوا مركبا لبَعض الكارم فِيهِ عدَّة بضائع طرحوها على النَّاس بِثَلَاثَة أَمْثَال قيمتهَا. وأحيط بتركة نجم الدّين مُحَمَّد الأسعردي - وَقد مَاتَ وَترك زَوْجَة وَابْنَة ابْن - وَأخذت كلهَا. وَأخذت وَدِيعَة من تركته لأَوْلَاد أَيْتَام تَحت حجره مبلغها نَحْو خمسين ألف دِرْهَم وأنفقت فِي يَوْمهَا على المماليك والخدام. وَفتحت قيسارية جهاركس وَأخذ مِنْهَا مقاطع الشّرْب برسم الْكسْوَة. فارتجت الْمَدِينَة بِأَهْلِهَا وَترك كثير من التُّجَّار حوانيتهم وغيبوا فَصَارَت مفتحة والأعوان تنهب لأنفسها مَا أَرَادَت فَلم ير يَوْمئِذٍ بِالْقَاهِرَةِ ومصر إِلَّا باك أَو شَاك أَو صائح أَو نائح فَكَانَا يَوْمَيْنِ شنعين. وعول أَرْبَاب الحوانيت على وَقع مَا فِيهَا وخلوها فَعرف النشو السُّلْطَان ذَلِك فَنُوديَ: من أغلق حانوته أَخذ مَاله وشنق ففتحوها. ثمَّ أخرج النشو من الأهراء عشرَة أُلَّاف أردب قمحاً وطرحها على أَصْحَاب الطواحين والأبازرة وَقبض على ابْن فَخر السُّعَدَاء نَاظر قليوب وَأخذ مِنْهُ نَحْو ثَمَانِينَ ألف دِرْهَم. وَفِي جُمَادَى الأولى: استدعى الضياء ابْن خطيب بَيت الْآبَار محتسب مصر وخلع عَلَيْهِ وَاسْتقر فِي حسبَة الْقَاهِرَة مُضَافا لما بِيَدِهِ من نظر الْأَوْقَاف وَنظر المارستان عوضا عَن نجم الدّين مُحَمَّد بن حُسَيْن بن عَليّ الأسعردي. وَكَانَ الشهَاب أَحْمد بن الْحَاج عَليّ الطباخ قد سعى فِي حسبَة الْقَاهِرَة وَقَامَ مَعَه الْأَمِير بشتاك والأمير قوصون والأمير أقبغا عبد الْوَاحِد فَلَمَّا ولي السُّلْطَان الضياء رسم أَن يسْتَقرّ ابْن الطباخ فِي حسبَة الدُّخان على الطباخين والحلاويين وَنَحْوهم وخلع عَلَيْهِ وَجلسَ فِي دكة الْحِسْبَة وَعرض أَرْبَاب الدُّخان. وَأنزل الضياء الحلاويين والفكاهين أَلا يشعلوا سرجهم فِي اللَّيْل بالزيت الْحَار وألزم حواس الحمامات بِعَمَل فوط سابغة طَوِيلَة ورتب القبانيين فِي جِهَات مُعينَة بجلس كل قباني فِي مَوضِع من الْبَلَد. وَفِيه قدم خَلِيل بن الطرفي من أُمَرَاء التركمان بِنَاحِيَة أبلستين وَقدم سَبْعمِائة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute