للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشر رَمَضَان: ركب النشو على عَادَته فِي السحر فاعترضه فِي طَرِيقه فَارس هُوَ عبد الْمُؤمن بن عبد الْوَهَّاب السلَامِي الَّذِي ولي قوص وَقيل أَبُو بكر بن الناصري مُحَمَّد وضربه فَأَخْطَأَ سَيْفه رَأس النشو وَسَقَطت عِمَامَة النشو عَن رَأسه وَقد جرح كتفه ثمَّ خر إِلَى الأَرْض وَنَجَا الْفَارِس وَفِي ظَنّه أَن رَأس النشو قد سَقَطت عَن بدنه. فَغَضب السُّلْطَان من ذَلِك وَلم يحضر السماط وَبعث إِلَى النشو بعدة من الجمدارية بالجرائحية فقطب ذراعه بست إبر وجبينه باثنتي عشرَة إبرة. وألزم السُّلْطَان وَالِي الْقَاهِرَة ومصر بإحضار غَرِيم النشو وَأَغْلظ على الْأُمَرَاء بالْكلَام ومازال يشْتَد ويحتد حَتَّى عَادَتْ القصاد بسلامة النشو فسكن مَا بِهِ ثمَّ بعث النشو مَعَ أَخِيه رزق الله يخبر السُّلْطَان بِأَن هَذَا من فعل الْكتاب بموافقة لُؤْلُؤ فَطلب السُّلْطَان ابْن المرواني وَالِي الْقَاهِرَة ورسم بمعاقبة الْكتاب الَّذين فِي المصادرة على الِاعْتِرَاف بغريم النشو وعقوبة لُؤْلُؤ مَعَهم. فَضرب لُؤْلُؤ ضربا مبرحاً وعوقب الْعلم أَبُو شَاكر وعلق والمقايرات فِي يَدَيْهِ وعوقب قرموط وعدة من الْكتاب وحرثت بُيُوتهم وَأخذ رخامها وَخرجت بالمحاريث لإِظْهَار مَا فِيهَا من الخبايا. ثمَّ أَن النشو عوفي من جراحه وطلع إِلَى القلعة فَخلع عَلَيْهِ وَنزل وَقد رتب السُّلْطَان الْمُقدم إِبْرَاهِيم بن أبي بكر شَدَّاد بن صابر أَن يمشي فِي ركابه وَمَعَهُ عشرَة من رِجَاله وَكَانَ لَا يطلع الْفجْر إِلَّا وهم على بَابه فَإِذا ركب كَانُوا مَعَه حَتَّى يدْخل القلعة فَإِذا نزل مَشوا فِي ركابه حَتَّى يدْخل بَيته. وعندما نزل النشو إِلَى الْقَاهِرَة كَانَ أول مَا بَدَأَ بِهِ أَن عاقب المقدمين وَغَيرهم حَتَّى مَاتَ عدَّة مِنْهُم تَحت الْعقُوبَة. وَفِي حادي عشرى ذِي الْحجَّة: سَافر خواجا عمر وسرطقطاي مقدم البريدية بهدية إِلَى أزبك ومعهما مبلغ عشْرين ألف دِينَار لشراء مماليك وجواري من بِلَاد التّرْك. وفيهَا كملت عمَارَة جَامع الْأَمِير عز الدّين أيدمر الخطيري على شاطئ النّيل بمنية بولاق وَكَانَ مَوْضِعه ساقية لشرف الدّين مُوسَى بن زنبور. وأصل بِنَاء هَذَا الْجَامِع أَنه لما أنشئت العمائر ببولاق عمر الْحَاج مُحَمَّد بن عز الْفراش بجوار الساقية المذكوره دَارا على النّيل ثمَّ انْتَقَلت تِلْكَ الدَّار بعد مَوته إِلَى ابْن الْأَزْرَق فَعرفت بدار الْفَاسِقين من كَثْرَة اجْتِمَاع النَّصَارَى بهَا على مَا لَا يرضى الله فَلَمَّا صادره النشو بَاعهَا فِيمَا بَاعه. فاشتراها الْأَمِير أيدمر الخطيري بِثمَانِيَة أُلَّاف دِرْهَم وهدمها وَبنى مَكَانهَا وَمَكَان الساقية جَامعا أنْفق فِيهِ مَالا جزيلاً وَأخذ أَرَاضِي حوله من بَيت المَال وَأَنْشَأَ عَلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>