للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخْشَى من كَمَال السَّعَادَة. فَإِن السُّلْطَان تصدق عَليّ بِمَا غمرني بِهِ من السَّعَادَة فَخَشِيت من كمالها. وَأخذ السُّلْطَان مَعَ النشو فِي تجهيز تنكز على عَادَته وَأمره أَن يُضَاعف لَهُ مَا جرت بِهِ عَادَته من الْخَيل والتعابي ورتب السُّلْطَان ذَلِك بِنَفسِهِ فَكَانَت قِيمَته مائَة وَخمسين ألف دِينَار عينا وَكَانَ تنكز قد أَقَامَ مُدَّة شَهْرَيْن وراتبه السلطاني فِي كل يَوْم أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم. فَلَمَّا وادع تنكز السُّلْطَان سَأَلَهُ فِي إعفاء الْأَمِير كجكن من الْخدمَة وَأَن ينعم عَلَيْهِ بسفر لُؤْلُؤ الْحلَبِي إِلَى الشَّام ليستقر فِي شدّ عداد الأغنام وَأَن ينْقل الْأَمِير بيبرس الْحَاجِب من حلب إِلَى دمشق وَأَن ينعم على قرمشي بإمرة ويستقر حاجباً بِدِمَشْق عوضا عَن عَلَاء الدّين بن صبح فَأَجَابَهُ السُّلْطَان إِلَى ذَلِك كُله وَكتب لَهُ تقليداً بتفويض الحكم فِي جَمِيع المماليك الشامية بأسرها وَأَن جَمِيع نوابها تكاتبه بأحوالها وَأَن تكون مُكَاتبَته: أعزالله أنصار الْمقر الشريف بَعْدَمَا كَانَت أعزالله أنصار الجناب وَأَن يُزَاد فِي ألقابه: الزَّاهدِيّ العابدي العالمي كافل الإسلامي أتابك الجيوش. وأنعم السُّلْطَان على مغنية قدمت مَعَه من دمشق بِعشْرَة أُلَّاف دِرْهَم وَحصل لَهَا من الدّور ثَلَاث بدلات زركش وَثَلَاثُونَ تعبيه قماش وَأَرْبع بدلات مقانع وَخَمْسمِائة دِينَار مبلغ متحصلها نَحْو سبعين ألف دِرْهَم. ثمَّ كَانَ آخر مَا قَالَ لَهُ السُّلْطَان: أيش بقى لَك حَاجَة أَو فِي نَفسك شَيْء أقضيه قبل سفرك فَقبل تنكز الأَرْض وَقَالَ: وَالله يَا خوند مَا بَقِي شَيْء أطلبه الا أَن أَمُوت فِي أيامك فَقَالَ السُّلْطَان: لَا إِن شَاءَ الله. يَا أَمِير تعيش أَنْت وأكون أَنا فدَاك أَو أكون بعْدك بِقَلِيل. فَقبل تنكز الأَرْض وَانْصَرف وَقد حسده جَمِيع الْأُمَرَاء وَكثر حَدِيثهمْ فِيمَا حصل لَهُ من الْكَرَامَة والمعزة. وَاتفقَ مَا قَالَه السُّلْطَان فَإِنَّهُ لم يقم بعد موت تنكز إِلَّا قَلِيل وَمَات كَمَا سَيَأْتِي ذكره. وفيهَا أنعم على الْأَمِير يلبغا اليحياوي بالمنزلة من أَعمال أشوم فَركب إِلَيْهَا النشو وحفر لَهَا ترعة، وأخرق بمتولى أشموم، وألزم آقبغا السيفي متولى الغريبة بِمِائَة ألف دِرْهَم. وَفِيه اسْتَقر عَلَاء الدّين عَليّ بن الكوراني فِي ولَايَة الغربية عوضا عَن آفبغا السيفي

<<  <  ج: ص:  >  >>