خَصمه. وَكَانَ شجاعا فِي الحروب يمر فِي الصُّفُوف وَلَيْسَ مَعَه سوى صبي. وقرىء عَلَيْهِ جُزْء من الحَدِيث بَين الصفين وَهُوَ على ظهر فرسه وَكَانَ ذَاكِرًا لوقائع الْعَرَب وعجائب الدُّنْيَا ومجلسه طَاهِر من المعايب رَحمَه الله وَغفر لَهُ. وَلما مَاتَ جلس الْأَفْضَل للعزاء وَكثر بكاء النَّاس عَلَيْهِ. وغسله الْفَقِيه خطيب دمشق أخرج بعد صَلَاة الظّهْر وَصلى النَّاس عَلَيْهِ أَرْسَالًا وَدفن بداره الَّتِي مرض فِيهَا بالقلعة ثمَّ نقل فِي يَوْم عَاشُورَاء سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَخَمْسمِائة إِلَى تربة بنيت لَهُ بجوار جَامع بني أُميَّة. وَكتب بوفاته إِلَى الْعَزِيز بِمصْر وَإِلَى الْعَادِل بالكرك. وَكَانَ عمره يَوْم مَاتَ نَحوا من سبع وَخمسين سنة مِنْهَا مُدَّة ملكه بعد موت العاضد اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سنة وَأَيَّام. وَترك من الْأَوْلَاد سَبْعَة عشر ذكرا وبنتا وَاحِدَة صَغِيرَة وَلم يخلف فِي خزائنه سوى سَبْعَة وَأَرْبَعين درهما وَلم يتْرك دَارا وَلَا عقارا. وَكَانَ القَاضِي الْفَاضِل عبد الرَّحِيم بن عَليّ البيساني صَاحب سره وبمنزلة الْوَزير مِنْهُ. وفيهَا قتل طغرل بن أرسلان بن طغرل بن السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملك شاه بن ألب أرسلان بن جغري بك دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق فِي رَابِع عشري شهر ربيع الأول وَهُوَ أخر من ملك بِلَاد الْعَجم من السلاطين السلجوقية وَابْتِدَاء دولتهم فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وأولهم طغرلبك بن مِيكَائِيل بن سلجوق فَتكون مُدَّة دولتهم مائَة سنة وثمانيا وَخمسين سنة. السُّلْطَان الْملك الْعَزِيز عماد الدّين أَبُو الْفَتْح عُثْمَان ابْن السُّلْطَان الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب ولد بِالْقَاهِرَةِ فِي ثامن جُمَادَى الأولى سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمَات أَبوهُ بِدِمَشْق وَهُوَ على سلطنة ديار مصر مُقيم بِالْقَاهِرَةِ وَعِنْده جلّ العساكر والأمراء من الأَسدِية والصلاحية والأكراد. فَلَمَّا بلغه موت أَبِيه جلس للعزاء وَأخذ بالحزم وَقرر أُمُور دولته وخلع على الْأُمَرَاء وأرباب الدولة يعد انْقِضَاء العزاء. فَقَامَ أَخُوهُ الْأَفْضَل نور الدّين عَليّ بِدِمَشْق وَكتب إِلَى الْخَلِيفَة النَّاصِر يطالعه بوفاة أَبِيه من إنْشَاء الْعِمَاد الْكَاتِب. وَبعث بذلك مَعَ القَاضِي ضِيَاء الدّين أبي الْفَضَائِل الْقَاسِم بن يحيى بن عبد الله الشهرزوري وَمَعَهُ عدد وَالِده وملابسه وخيله وهدية نفيسة. وَسَار الْعَادِل من الكرك إِلَى بِلَاد الْمشرق فَأَقَامَ بقلعة جعبر وَبعث نوابه إِلَى حران والرها واستوزر الْأَفْضَل الْوَزير