للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آخور وَدَار آقبغا وَدَار طقزدمر وَدَار بشتاك على النّيل وَهِي تشْتَمل على ربع كَبِير فَوق زريبة بجوار جَامع طيبرس وَقصر بشتاك بِالْقَاهِرَةِ وَقد ذكرت هَذِه الْقُصُور والدور فِي كتاب المواعظ وَالِاعْتِبَار بِذكر الخطط والأمطار ذكرا مستوعباً لأخبارها. وَكَانَت للسُّلْطَان عناية كَبِيرَة بِبِلَاد الجيزة وَعمل على كل بلد بهَا جِسْرًا أَو قنطرة وَكَانَت أَكثر بلادها تشرق لعلوها فَعمل جسر أم دِينَار فِي ارْتِفَاع اثْنَتَيْ عشرَة قَصَبَة أَقَامَ الْعَمَل فِيهِ مُدَّة شَهْرَيْن فحبس المَاء حَتَّى رويت تِلْكَ الْأَرَاضِي كلهَا وَعم النَّفْع بهَا. وَقَوي بِسَبَب هَذَا الجسر المَاء حَتَّى حفر بحراً يتَّصل بالجيزة وَخرج فِي أراضيها عدَّة مَوَاضِع زرعت بَعْدَمَا كَانَت شاسعة أَخذ مِنْهَا قوصون وبشتاك وَغَيرهمَا عدَّة أَرَاضِي عمروها ووقفوها واستجد السُّلْطَان على بقيتها ثَلَاثمِائَة جندي. واستجدت فِي أَيَّامه عدَّة أَرَاضِي بنواحي الشرقية وفوة وشباس أقطعت لعدة أجناد وَعمل أَيْضا جسر شيبين فَزَاد بِسَبَبِهِ خراج الشرقية. وَعمل جِسْرًا خَارج الْقَاهِرَة حَتَّى رد النّيل على منية الشيرج وَغَيرهَا وعمرت بِسَبَبِهِ بساتين جَزِيرَة الْفِيل وَكثر عَددهَا. وَأحكم السُّلْطَان عَامَّة أَرض مصر قبليها وبحريها بالترع والجسور حَتَّى أتقن أمرهَا وَكَانَ يوكب إِلَيْهَا برسم الصَّيْد فِي كل قَلِيل ويتفقد أحوالها وَينظر فِي جسورها وتراعها وقناطرها بِنَفسِهِ بِحَيْثُ أَنه لم يدع فِي أَيَّامه موضعا مِنْهَا حَتَّى عمل فِيهِ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ. وَكَانَ لَهُ سعد فِي جَمِيع أَعماله فَكَانَ يقترح الْمَنَافِع من قبله بعد أَن كَانَ يزهده فِيمَا يَأْمر بِهِ حذاق المهندسين وَيَقُول بَعضهم. يَا خوند الدّين جَاءُوا من قبلنَا لَو علمُوا أَن هَذَا يَصح لفعلوه فَلَا يلْتَفت إِلَى قَوْلهم وَيفْعل مَا بدا لَهُ من مصَالح الْبِلَاد فَتَأْتِيه أغراضه على مَا يحب ويختار فَزَاد فِي أَيَّامه خراج مصر زِيَادَة هائلة فِي سَائِر الأقاليم. وَكَانَ إِذا سممع بشراقي بلد أَو قَرْيَة من الْقرى أهمه ذَلِك وَسَأَلَ المقطع بهَا عَن أَحْوَال الْقرْيَة الْمَذْكُورَة غير مرّة بل كلما وَقع بَصَره عَلَيْهِ وَلَا يزَال يفحص عَن ذَلِك حَتَّى يتَوَصَّل إِلَى ريها بِكُل مَا تصل قدرته إِلَيْهِ. كل ذَلِك وصاحبها لَا يسْأَله فِي شَيْء من أمرهَا فيكلمه بعض الْأُمَرَاء فِي ذَلِك فَيَقُول: هَذِه قريتي وَأَنا الْمَلْزُوم بهَا والمسؤل عَنْهَا فَكَانَ هَذَا دأبه وَكَانَ يفرح إِذا سَأَلَهُ بعض الأجناد فِي عمل مصلحَة بَلَده بِسَبَب عمل جسر أَو تقاوي أَو غير ذَلِك وينبل ذَلِك الرجل فِي عينه وَيفْعل لَهُ مَا طلبه من غير توقف وَلَا ملل فِي إِخْرَاج المَال فَإِن كَلمه أحد فِي ذَلِك فَيَقُول: فَلم نجمع المَال فِي بَيت الْمُسلمين إِلَّا لهَذَا الْمَعْنى وَغَيره فَهَذِهِ كَانَت عوائده. وَكَذَلِكَ فعل بالبلاد الشامية حَتَّى إِن مَدِينَة غَزَّة هُوَ الَّذِي مصرها وَجعلهَا على هَذِه

<<  <  ج: ص:  >  >>