للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْإِنْكَار عَلَيْهِ واتهمه السُّلْطَان والأمير قوصون بِأَنَّهُ يُرِيد التوثب على الْملك وَعمِلُوا هَذَا من فعله حجَّة للقبض عَلَيْهِ وَكَانَ مَا خص الْأَمِير قوصون من تفرقته هَذِه حجرين من حِجَارَة معاصر قصب السكر بِمَا فِيهَا من القنود والأعمال والأبقار والأغلال والآلات وَخَمْسمِائة فدان من الْقصب مزروعة فِي أَرض ملك لَهُ فأدهش الْأُمَرَاء بِكَثْرَة عطائه وَاسْتغْنى مِنْهُ جمَاعَة من مماليكه. وَلما كثرت القالة فِيهِ بِأَنَّهُ يُرِيد إِفْسَاد الدولة خلا بِهِ بعض خواصه وعرفه ذَلِك وَأَشَارَ عَلَيْهِ بإمساك يَده عَن الْعَطاء فَقَالَ لَهُم: إِذا قبضوا على أخدوا مَالِي وَأَنا أَحَق بِهِ مِنْهُم أَن أفرقه وَأسر بِهِ إِذا بذلته وَيبقى لي مَكَارِم على النَّاس أذكر بهَا وَإِذا سلمت فَالْمَال كثير. هَذَا وَقد قَامَ قوصون فِي أَمر بشتاك ومازال بالسلطان حَتَّى قرر مَعَه الْقَبْض عَلَيْهِ عِنْد قدوم قطلوبغا الفخري. وأشاع قوصون أَن بشتاك يُرِيد الْقَبْض على قطلوبغا فَبلغ ذَلِك بعض خَواص قطلوبغا فَبعث إِلَيْهِ من تَلقاهُ وعرفه مَا وَقع من تجهيز بشتاك وَأَنه على عزم من أَن يلقاك فِي طريقك ويقتلك فَكُن على حذر فَأخذ قطلوبغا من الصالحية يحْتَرز على نَفسه حَتَّى نزل سرياقوس. وَاتفقَ من الْأَمر العجيب أَن بشتاك خرج إِلَى حوشه بالريدانية خَارج الْقَاهِرَة ليعرض هجنه وجماله فطار الْخَبَر إِلَى قطلوبغا الفخري بِأَن بشتاك قد خرج إِلَى الريدانية فِي انتطارك فاستعد وَلبس السِّلَاح من تَحت ثِيَابه وَسَار وَقد تَلقاهُ عدَّة من مماليكه وَهُوَ على أهبة الْحَرْب. وعرج قطلوبغا عَن الطَّرِيق وسلك من تَحت الْجَبَل لينجو من بشتاك وَكَانَ عِنْد بشتاك علم من قدومه. فَلَمَّا قرب قطلوبغا من الْموضع الَّذِي فِيهِ بشتاك لاحت لَهُ غبرة خيله فحدس أَنه قطلوبغا قد قدم فَبعث إِلَيْهِ أحد مماليكه يبلغهُ السَّلَام ويعرفه أَن يقف حَتَّى يَأْتِيهِ ليجتمع بِهِ. فَلَمَّا بلغ قطلوبغا ذَلِك زَاد خَوفه من بشتاك وَقَوي عِنْده صِحَة مَا بلغه عَنهُ فَقَالَ للمملوك: سلم على الْأَمِير وَقل لَهُ لَا يكن اجتماعي بِهِ وَلَا بِأحد حَتَّى أَقف قُدَّام السُّلْطَان ثمَّ بعد ذَلِك اجْتمع بِهِ. فَمضى مَمْلُوك بشتاك وَفِي ظن قطلوبغا أَنه إِذا بلغه مَمْلُوكه الْجَواب ركب إِلَيْهِ فَأمر مماليكه أَن يَسِيرُوا قَلِيلا قَلِيلا وسَاق بمفرده مشواراً وَاحِدًا إِلَى القلعة. وَدخل قطلوبغا على السُّلْطَان وبلغه طَاعَة النواب وفرحهم بأيامه. ثمَّ أَخذ يعرف السُّلْطَان والأمير قوصون وَسَائِر الْأُمَرَاء مَا اتّفق لَهُ مَعَ بشتاك وَأَنه كَانَ يُرِيد معارضته فِي طَرِيقه وَقَتله فَأعلمهُ السُّلْطَان وقوصون بِمَا اتفقَا عَلَيْهِ من الْقَبْض على بشتاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>