وَأَن الْأَمِير طقزدمر نَائِب حماة قدم عَلَيْهِ فِي غَد دُخُوله فَركب وتلقاه وَقَوي بِهِ. واستخدم قطلوبغا الفخري جنداً كَبِيرا ونادى بِدِمَشْق: من أَرَادَ الإقطاع وَالنَّفقَة فليحضر وَأخذ مَالا كثيرا من التُّجَّار وأرباب الْأَمْوَال وأكره قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين ابْن السُّبْكِيّ حَتَّى أَخذ مَال الْأَيْتَام وَأخذ أجر الْأَمْلَاك والأوقاف لثلاث سِنِين فَلم يبْق أحد بِدِمَشْق إِلَّا وَغرم المَال على قدر حَاله. فَجمع قطلوبغا الفخري مَالا عَظِيما وأتته جماعات من الْجند والتركمان أوراقاً من ديوَان الْجَيْش بأسماء الأجناد والبطالين لإقطاعات بالحلقة فتجهزوا جَمِيعهم بِالْخَيْلِ والأسلحة. وَحلف قطلوبغا الْجَمِيع للسُّلْطَان الْملك النَّاصِر أَحْمد وَعمل برسمه العصائب السُّلْطَانِيَّة والسناجق الخليفتية ورقاب الْخَيل والكنابيش والسروج والغاشية والقبة وَالطير وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من أبهة السلطنة وجهز الكوسات وَالْبِغَال. وَكتب قطلوبغا إِلَى النَّاصِر أَحْمد يعرفهُ بذلك فَأَجَابَهُ بالشكر وَالثنَاء وَبعث إِلَيْهِ مُوسَى بن التَّاج إِسْحَاق بِمَال وَسَأَلَ أَن يكون نَاظر الْخَاص على مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبوهُ فِي أَيَّام أَبِيه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد. فأحابه قطلوبغا إِلَى ذَلِك وَأقَام بِدِمَشْق يدبر أمره وَطلب ابْن صبح نَائِب صفد وَبَعثه لجمع العشير والجبلية من بِلَاد صفد وطرابلس وَغَيرهَا فَأَتَاهُ مِنْهُم جمع كثير. وَكتب قطلوبغا إِلَى سُلَيْمَان بن مهنا أَن يعرف بسير ألطنبغا الصَّالِحِي من حلب فَكتب الْأَمِير ألطنبغا يعرف الْأَمِير قوصون بذلك فازداد اضطرابه وَجمع الْأُمَرَاء. فاتفق الرَّأْي على تَجْرِيد أُمَرَاء إِلَى غَزَّة فَتوجه برسبغا الحاحب وأمير مَحْمُود الْحَاجِب وعلاء الدّين عَليّ بن طغريل فِي جمَاعَة وَأجِيب الْأَمِير ألطنبغا نَائِب الشَّام على يَد أطلمش الكريمي بِأَن يسير من حلب إِلَى قتال قطلوبغا الفخري بِدِمَشْق فَتوجه أطلمش على الْبَرِيد من الْبَريَّة لانْقِطَاع الدَّرْب وَوصل إِلَى حلب وَعرف ألطنبغا الْخَبَر فَسَار ألطنبغا مِنْهَا حَتَّى قدم حمص وَقد خرج قطلوبغا الفخري من دمشق إِلَى خَان لاجين وَأمْسك الْمضيق وَأقَام الجبلية والعشير على الجبلين ووقف هُوَ بالعسكر فِي وسط الطَّرِيق. وَأما ألطنبغا الصَّالِحِي فَإِنَّهُ حلف من مَعَه وَسَار من حمص حَتَّى قرب من قطلوبغا وعدة الجمعين نَحْو ثَلَاثَة عشر ألف فَارس. فتمهل ألطنبغا كَرَاهَة لسفك الدِّمَاء وراسل قطلوبغا مُدَّة ثَلَاثَة أَيَّام فَلم يتم بَينهمَا أَمر وَبعث قطلوبغا إِلَى جمَاعَة من أَصْحَاب ألطنبغا يعدهم ويستميلهم حَتَّى وافقوه. فَلَمَّا تعبت الرُّسُل وملت العساكر من شدَّة الْبرد بعث ألطنبغا فِي اللَّيْل عدَّة مِمَّن مَعَه على طَرِيق المرج ليهجموا على قطلوبغا من وَرَائه ويلقاهم هُوَ من أَمَامه. وَركب ألطنبغا من الْغَد فَمَال كل أَمِير مِمَّن مَعَه إِلَى جِهَة قطلوبغا وصاروا من جملَته. فَلم يبْق مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute