أيدغمش فَأخذ أيدغمش فِي التَّدْبِير عَلَيْهِ. ثمَّ كَانَ من انتصار قطلوبغا الفخري على ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام مَا كَانَ فَكتب قطلربغا إِلَى أيدغمش سرا بِأَنَّهُ سلطن أَحْمد وحرضه على الرّكُوب إِلَى الكرك بِمن قدر على استمالته. وَكَانَ قوصون قد احتفل لقدوم ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام وَمن مَعَه وَفتح ذخيرة السلطنة وَأكْثر من النَّفَقَات والإنعامات حَتَّى بلغت إنعاماته على الْأُمَرَاء والخاصكية وَمَا فرقه فيهم وَفِي الْعَسْكَر سِتّمائَة ألف دِينَار. فشاع بِأَنَّهُ يُرِيد أَن يتسلطن فخاف أيدغمش وَغَيره من تحكمه فِي السلطنة وحرض الخاصكية حَتَّى وَافقه الْأَمِير ألطنبغا المارداني ويلبغا اليحياوي فِي عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة وعدة من أكَابِر الْأُمَرَاء مِنْهُم الْحَاج آل ملك وجنكلي بن البابا أَنهم يَسِيرُونَ جَمِيعًا إِلَى الكرك عِنْد قدوم ألطنبغا الصَّالِحِي نَائِب الشَّام وخروجهم إِلَى لِقَائِه. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْإِثْنَيْنِ: ركب قوصون فِي الْمركب تَحت القلعة على الْعَادة وَطلب الْأَمِير يلجك ابْن أُخْته وَأخرج إِلَى لِقَاء نَائِب الشَّام - وَقد ورد الْخَبَر بنزوله على بلبيس - ليَأْتِي بِهِ سَرِيعا. فَوَافى يلجك الْأَمِير ألطنبغا الصَّالِحِي وَمن مَعَه على بلبيس فَلم يُوَافقهُ على السرعة وَقصد أَن يكون حُضُوره فِي يَوْم الْخَمِيس أول شعْبَان. وَبَات ألطنبغا لَيْلَة الثُّلَاثَاء على بلبيس وَركب من الْغَد وَنزل سرياقوس فَبَلغهُ ركُوب الْأُمَرَاء على قوصون وَأَنه مَحْصُور بالقلعة فَركب بِمن مَعَه إِلَى بركَة الْحَاج وَإِذا بِطَلَب قوصون وصنجقه فِي نَحْو مائَة مَمْلُوك قد وافوه وأعلموه أَن فِي نصف اللَّيْل ركب الْأُمَرَاء وأحاطت بإصطبل قوصون وحصروه فِي القلعة فَخَرجُوا هم على حمية حَتَّى وصلوا إِلَيْهِم. وَكَانَ من خبر ذَلِك أَن قوصون لما بعث يلجك ليَأْتِيه بنائب الشَّام سَرِيعا تواعد أيدغمش وَمن وَافقه على أَن يركبُوا فِي اللَّيْل إِلَى الكوك. فَجهز كل مِنْهُم حَاله حَتَّى كَانَ ثلث اللَّيْل فتح الْأُمَرَاء بَاب السِّرّ ونزلوا إِلَى أيدغمش بالإصطبل. وَمضى كل وَاحِد إِلَى إصطبله فَلم ينتصف اللَّيْل إِلَّا وَعَامة الْأُمَرَاء بأطلابهم فِي سوق الْخَيل تَحت القلعة وهم ألطنبغا المارداني ويلبغا اليحياوي وبهادر الدمرداشي والحاج آل ملك والجاولي وقماري الحسني أَمِير شكار وأرنبغا وآقسنقر السلاري. وبعثوا إِلَى إصطبلات الْأُمَرَاء مثل جنكلي بن البابا وبيبرس الأحمدي وطرغاي الطاخي وقياتمر وَغَيرهم فأخرجوا أطلاب الْجَمِيع إِلَيْهِم. وَخرج لَهُم أيدغمش بماليكه وَمن عِنْده من الأوجاقية فوقفوا جَمِيعًا ينتظرون نزُول قوصون إِلَيْهِم حَتَّى يمضوا إِلَى الكرك. فَأحْسن قوصون
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute