وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سابعه: وصل الْأُمَرَاء الَّذين كَانَ سجنهم قوصون من سجن الْإسْكَنْدَريَّة وهم ملكتمر الْحِجَازِي وقطليجا الْحَمَوِيّ وَأَرْبَعَة وَخَمْسُونَ نَفرا من المماليك السُّلْطَانِيَّة. وَمن الْغَرِيب أَن الحراقة الَّتِي سَارَتْ بهؤلاء الْأُمَرَاء إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة لما قبض عَلَيْهِم قوصون هِيَ الحراقة الَّتِي سَار فِيهَا قوصون إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة حَتَّى سجن بهَا. وَكَانَ قوصون لما دخل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة مُقَيّدا خرج وَالِي الثغر ليتسلمه وَقد ركب بالأمراء عِنْدَمَا أفرج عَنْهُم ليتوجهوا إِلَى الْقَاهِرَة فَسَلمُوا على قوصون فَبكى وَاعْتذر لَهُم مِمَّا صدر مِنْهُ فِي حَقهم. وعندما قدمُوا إِلَى سَاحل مصر ركب الْأُمَرَاء إِلَى لقائهم وَخرجت الْعَامَّة لرؤيتهم بِحَيْثُ غلقت الْأَسْوَاق يَوْمئِذٍ حَتَّى طلعوا إِلَى القلعة. فتلقت خوند الحجازية زَوجهَا الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي بجواريها وخدامها ومغانيها تضرب بِالدُّفُوفِ والشبابات فَرحا بِهِ وجارتها أُخْتهَا امْرَأَة قوصون فِي عويل وبكاء وصياح هِيَ وجواريها وخدامها كَمَا كَانَ بالْأَمْس لما انتصر قوصون على الْحِجَازِي والأمراء فِي بَيته الأفراح والتهاني وَفِي بَيت الْحِجَازِي الْبكاء والعويل وَكَانَ فِي ذَلِك عِبْرَة للمعتبر. وَفِيه قدم كتاب الْأُمَرَاء المتوجين إِلَى الكرك وهم جنكلي بن البابا وبيبرس الأحمدي وقماري بِأَنَّهُم لما وصلوا إِلَى الكرك نزلُوا بظاهرها وَبعث كل مِنْهُ بملوكه يعرف السُّلْطَان أَحْمد بقدومه. فَبعث إِلَيْهِم السُّلْطَان رجلا من نَصَارَى الكرك فَقَالَ: يَا أُمَرَاء السُّلْطَان يَقُول لكم إِن كَانَ مَعكُمْ كتب فهاتهوا أَو مشافهة قولوها: وَفِي الْحَال عَادَتْ مماليكهم وَلم يمكنوا من الِاجْتِمَاع بالسلطان وَقيل لَهُم إِن السُّلْطَان قد سير كِتَابه إِلَى الْأُمَرَاء. فَدفعت الْكتب إِلَى النَّصْرَانِي فَمضى بهَا ثمَّ عَاد من أخر النَّهَار بِكِتَاب مختوم وَقَالَ عَن السُّلْطَان إِنَّه قَالَ: سلم على الْأُمَرَاء وعرفهم أَن يقيموا بغزة إِلَى أَن يرد لَهُم مَا يعتمدوه كَذَا. وَحضر مَمْلُوك من قبل السُّلْطَان يَأْمر الْأَمِير قماري بِالْإِقَامَةِ على نَاحيَة الصافية وَبعث إِلَيْهِ بِخَاتم. وَجَاء فِي كتاب الْأُمَرَاء المتوجهين إِلَى الكرك أَنهم وجدوا الْكتاب يتَضَمَّن إقامتهم على غَزَّة والاعتذار عَن لقائهم فَعَاد الأميران جنكلي بن البابا وبيبرس الأحمدي إِلَى غَزَّة. فَلَمَّا وقف الْأَمِير أيدغمش على ذَلِك كتب من وقته إِلَى الْأَمِير قطلوبغا الفخري يسْأَله أَن يستحث السُّلْطَان فِي قدومه إِلَى تخت ملكه وَكتب إِلَى الْأُمَرَاء بانتظار السُّلْطَان وعرفه بمكاتبته للفخري. وَأخذ أيدغمش فِي تجهيز أُمُور السلطنة وأشاع قدوم السُّلْطَان خوفًا من إِشَاعَة مَا عَامل بِهِ الْأُمَرَاء فَيفْسد عَلَيْهِ مَا دبره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute