للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوصوني فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن انهبوا بَيته فتسارعوا فِي الْحَال إِلَى بَيته المجاور للجامع الظَّاهِرِيّ من الحسينية حَتَّى صَارُوا مِنْهُ إِلَى بَاب الْفتُوح. فَقَامَتْ إخْوَته وَمن يلوذ بِهِ فِي دفع الْعَامَّة بِالسِّلَاحِ وَبعث الْأَمِير أيدغمش أَيْضا بِجَمَاعَة ليردهم عَن النهب وَخرج إِلَيْهِم نجم الدّين وَالِي الْقَاهِرَة وَكَانَ أمرا مهولاً قتل فِيهِ من الْعَامَّة عشرَة رجال وجرح خلق كثير وَلم ينتهب شَيْء. وَفِي يَوْم الْأَحَد عاشره: قدم مَمْلُوك الْأَمِير قطلوبغا الفخري ومملوك الْأَمِير طقزدمر بوصول العساكر إِلَى غَزَّة فِي انْتِظَار قدوم السلالان إِلَيْهِم من الكرك وَأَن يحلف جَمِيع أُمَرَاء مصر وعساكرها على الْعَادة. فَجمعُوا بالميدان وأخرجت نُسْخَة الْيَمين المحضرة فَإِذا هِيَ تَتَضَمَّن الْحلف للسُّلْطَان ثمَّ للأمير قطلوبغا الفخري. فتوقف الْأُمَرَاء عَن الْحلف لقطلوبغا حَتَّى ابْتَدَأَ الْأَمِير أيدغمش وَحلف فَتَبِعَهُ الْجَمِيع خوفًا من وُقُوع الْفِتْنَة وجهزت نُسْخَة الْيَمين إِلَى قطلوبغا. وَفِيه قبض على عدَّة من الْعَامَّة نهبوا بعض كنائس النَّصَارَى وصلبوا تَحت القلعة ثمَّ أطْلقُوا. وَأما الْعَسْكَر الشَّامي فَإِنَّهُ أَقَامَ بغزة وَقد جمع لَهُم نائبها آقسنقر الإقامات من بِلَاد الشوبك وَغَيرهَا حَتَّى صَار عِنْده ثَلَاثَة آلَاف غرارة من الشّعير وَأَرْبَعَة أُلَّاف رَأس من الْغنم غير ذَلِك مِمَّا يحْتَاج عَلَيْهِ. وَكتب الْأُمَرَاء إِلَى السُّلْطَان بقدومهم صُحْبَة مماليكهم مَعَ الْأَمِير قماري أَمِير شكار فَسَارُوا إِلَى الكرك وَقد قدمهَا أَيْضا الْأَمِير يحيى بن طايربغا صهر السُّلْطَان برسالة الْأَمِير أيدغمش يستحثه على الْمسير إِلَى مصر فأقاموا جَمِيعًا ثَلَاثَة أَيَّام لم يُؤذن لَهُم فِي دُخُول الْمَدِينَة. ثمَّ أَتَاهُم كَاتب نَصْرَانِيّ وبازدار يُقَال لَهُ أَبُو بكر ويوسف بن البصال وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة هم خَاصَّة السُّلْطَان من أهل الكرك فَسَلمُوا عَلَيْهِم وطلبوا مَا مَعَهم من الْكتب. فشق ذَلِك على الْأَمِير قماري وَقَالَ لَهُم: مَعنا مشافهات من الْأُمَرَاء للسُّلْطَان ولابد من الِاجْتِمَاع بِهِ. فَقَالُوا: لَا يُمكن الِاجْتِمَاع بِهِ وَقد رسم إِن كَانَ مَعكُمْ كتاب أَو مشافهة أَن تعلمونا بهَا. فَلم يَجدوا بدا من دفع الْكتب إِلَيْهِم وَأَقَامُوا إِلَى غَد. فجاءتهم كتب مختومه وَقيل للأمير يحيى. اذْهَبْ إِلَى عِنْد الْأُمَرَاء بغزة فَسَارُوا جَمِيعًا عائدين إِلَى غزه فَإِذا فِي الْكتب الثَّنَاء على الْأُمَرَاء وَأَن يتوجهوا إِلَى مصر فَإِن السُّلْطَان يقْصد مصر بمفرده ويسبقهم. فتغيرت خواطرهم وَقَالُوا وطالوا وَخرج قطلوبغا الفخري عَن الْحَد وأفرط بِهِ الْغَضَب وعزم على الْخلاف. فَركب إِلَيْهِ الْأَمِير طشتمر حمص أَخْضَر نَائِب حلب والأمير جنكلي بن البابا والأمير بيبرس الأحمدي ومازالوا بِهِ حَتَّى كف عَمَّا عزم عَلَيْهِ وَوَافَقَ على الْمسير وكتبو بِمَا كَانَ من ذَلِك إِلَى الْأَمِير أيدغمش وتوجهوا جَمِيعًا من غَزَّة يُرِيدُونَ مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>