أَحْمد. وَمر الأحمدي سائراً إِلَى دمشق وفيهَا الْأَمِير بيبرس الْحَاجِب وطرنطاي الْحَاجِب. فَنزل الأحمدي ميدان الْحَصَا وَخرج الأميران الْمَذْكُورَان فِي عدَّة من الْعَسْكَر إِلَيْهِ فَسَلمُوا عَلَيْهِ وتوجعوا لَهُ ثمَّ عَادوا. فَقدم فِي ثَانِي يَوْم قدومه كتاب السُّلْطَان النَّاصِر أَحْمد على نَائِب دمشق بإكرامه واحترامه ثمَّ قدم من الْغَد يُوسُف بن البصارة بِكِتَاب السُّلْطَان النَّاصِر أَحْمد إِلَى أُمَرَاء دمشق بِأَنَّهُ قد طلب بيبرس الأحمدي إِلَى الكرك فعصى وَخرج من صفد بعد مَا قتل جمَاعَة مِنْهَا وَأمرهمْ بِأخذ الطرقات عَلَيْهِ ومسكه وَحمله إِلَى الكرك. فأخدوا فِي أهبة الْحَرْب وركبوا لقتاله فِي يَوْم الْخَمِيس ثامن الْمحرم وبعثوا إِلَيْهِ سرا يعرفونه بِمَا ورد عَلَيْهِم. فَركب الأحمدي إِلَى لقائهم حَتَّى ترَاءى الْفَرِيقَانِ فَبعث إِلَيْهِ الْأُمَرَاء بعض الْحجاب يُعلمهُ بمرسوم السُّلْطَان فِيهِ فَأَعَادَ الْجَواب باني طالع للسُّلْطَان إِذا كَانَ على كرْسِي ملكه بِمصْر وأسير إِلَيْهِ وَفِي عنقِي منديل ليعاقبني أَو يعْفُو عني. وَأما سُلْطَان يُقيم بالكرك وَيضْرب رِقَاب الْأُمَرَاء ويهتك حريمهم ويخرجهم بِحَيْثُ يتَصَدَّق النَّاس عَلَيْهِم ثمَّ يطلبني إِلَيْهِ فَلَا سمع وَلَا طَاعَة. وهأنا لَا أسلم نَفسِي حَتَّى أَمُوت على فرسي وَمن كَانَ فِي نَفسه مني فليأت إِلَى قتالي. فَلَمَّا سمعُوا جَوَابه أَمرهم ابْن البصارة بِأَن يهجموا عَلَيْهِ ويمسكوه فاحتجوا عَلَيْهِ بِأَن المرسوم لَا يتَضَمَّن قِتَاله وَهَذَا الَّذِي قلته يحْتَاج إِلَى قتال شَدِيد. وَلَكنَّا نكتب إِلَى السُّلْطَان بِمَا اتّفق ونستأذنه فِي قِتَاله ونمتثل مَا يرسم بِهِ وتكفلوا لَهُ بحفظه حَتَّى يعود بِالْجَوَابِ فَمشى ذَلِك عَلَيْهِ وَسَار بكتبهم. وَاجْتمعَ الْأُمَرَاء بالأحمدي وَكَتَبُوا إِلَى أُمَرَاء مصر بِمَا اتّفق وَكَتَبُوا لأيدغمش نَائِب حلب وللحاج آل ملك بحماة وَعرفُوا الْجَمِيع أَن هَذَا الْأَمر إِن تَمَادى بهم ركبُوا جَمِيعهم وعبروا لبلاد الْعَدو فَكَانَ هَذَا أكبر الْأَسْبَاب فِي خلع النَّاصِر أَحْمد. وَلم يزل بيبرس الأحمدي بِدِمَشْق حَتَّى كتب إِلَيْهِ الْملك الصَّالح أَن يقدم إِلَى مصر فَقَدمهَا وَاسْتقر على إقطاعه. وَفِي هَذَا الشَّهْر: عزل أقبغا عبد الْوَاحِد من نِيَابَة حمص وأنعم عَلَيْهِ بإمرة مائَة بِدِمَشْق. وَفِي يَوْم الْأَحَد عَاشر جُمَادَى الْآخِرَة: خرج أروم بغا السِّلَاح دَار لنيابة طرابلس غَضبا عَلَيْهِ لمكاتبته النَّاصِر أَحْمد لَهُ. وَفِيه كتب بقدوم طقتمر الأحمدي إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِيه قبض على جمال الكفاة نَاظر الْجَيْش وَالْخَاص والموفق نَاظر الدولة والصفي نَاظر الْبيُوت وزجماعة من الْكتاب وسلموا لشاد الدَّوَاوِين.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute