للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه عزل موسي بن التَّاج إِسْحَاق لتوقف حَال الدولة وَكَثْرَة تقلقه وَكَرَاهَة النَّاس لَهُ لظلمه وتغييره قَوَاعِد كَثِيرَة. وَفِيه قدم كتاب التَّاج مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْمُنعم البارنباي موقع طرابلس بحدوث سيل عَظِيم لم يعْهَد مثله فِيمَا تقدم. وفيهَا كثر سُقُوط الثَّلج بِدِمَشْق حَتَّى خرج عَن الْعَادة وأنفقوا على شيله من الأسطحة مَا ينيف على ثَمَانِينَ ألف دِرْهَم فَإِنَّهُ أَقَامَ يسْقط أسبوعين. وفيهَا زَاد عَاصِفَة حَتَّى خرب عدَّة بيُوت وفيهَا تَوَاتر سُقُوط الْبرد بِأَرْض مصر مَعَ ريح سَوْدَاء وشعث عَظِيم وبرق ورعد سهول. ثمَّ أعقب ذَلِك عَالم شَدِيدَة الْحر بِحَيْثُ تطاير مِنْهَا شرر أحرق رُءُوس الْأَشْجَار وزريعة الباذنجان وَبَعض الْكَتَّان حَتَّى اشْتَدَّ خوف النَّاس وضجوا إِلَى الله تَعَالَى. وَجَاء مطر غزير ثمَّ برد فِيهِ يبس لم يعْهَد مثله فَكَانَت أَرَاضِي النواحي تصبح بَيْضَاء من كَثْرَة الجليد وَهلك من شدَّة الْبرد جمَاعَة من بِلَاد الصَّعِيد وَغَيرهَا. وأمطرت السَّمَاء خَمْسَة أَيَّام مُتَوَالِيَة حَتَّى ارْتَفع المَاء فِي مزارع الْقصب قدر ذِرَاع وَعم ذَلِك أَرض مصر قبليها وبحريها ففسدت بِالرِّيحِ والمطر مَوَاضِع كَثِيرَة وَقلت أسماك بحيرة نستراوة وبحيرة دمياط والخلجان وبركة الْفِيل وَغَيرهَا لموتها من الْبرد. فَتلفت فِي هَذِه السّنة بعامة أَرض مصر وَجَمِيع بِلَاد الشَّام بالأمطار والثلوج وَالْبرد وهبوب السمائم وَشدَّة الْبرد من الزروع وَالْأَشْجَار والبائهم والأنعام والدور مَا لَا يدْخل تَحت حصر مَعَ مَا ابْتُلِيَ بِهِ أهل الشَّام من تَجْرِيد عساكرها وتسخير أهل الضّيَاع وتسلط العربان والعشير وَقلة حُرْمَة السلطنة مصرا وشاماً وَقطع الأرزاق وظلم الرّعية. وَبَلغت زِيَادَة النّيل فِي هَذِه السّنة ثَمَانِيَة عشر ذِرَاعا وَسَبْعَة عشر إصبعاً. وَفِيه قدم سيف الدّين بلطوا مبشراً بسلامة الْحجَّاج فِي خَامِس عشرى ذِي الْحجَّة. وَمَات فِيهَا من الْأَعْيَان إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم بن الزبير الغرناطي فِي شعْبَان ببرشانة من الأندلس قدم الْقَاهِرَة وَأخذ عَن جمَاعَة وَولي بِبَلَدِهِ قَضَاء عدَّة مَوَاضِع. وَتُوفِّي قَاضِي الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق جلال الدّين أَحْمد بن الْحمام أبي الْفَضَائِل الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن بن أنوشروان الرَّازِيّ عَن بضع وَسبعين سنة بِدِمَشْق. وَمَات الْأَمِير بدر الدّين بكتاش نقيب الْجَيْش فِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشرى جُمَادَى الْآخِرَة وَكَانَ مشكوراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>