للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد غسله اهتز وَتغَير لَونه وذعر، حَتَّى إِنَّه بَات ليلته يرَاهُ فِي نَومه، ويفزغ فَزعًا شَدِيدا. وتعلل السُّلْطَان الصَّالح إِسْمَاعِيل من رُؤْيَة رَأس أَحْمد وَمَا برح يَعْتَرِيه الأرق ورؤية الأحلام المفزعة وَتَمَادَى مَرضه وَكثر إرجافه وَكَثُرت أفزاعه حَتَّى اعتراه القولنج وَمَات كَمَا تقدم ذكره يَوْم الْخَمِيس وَدفن عِنْد أَبِيه وجده بالقبة المنصورية فِي لَيْلَة الْجُمُعَة. وَكَانَ السُّلْطَان الصَّالح إِسْمَاعِيل رَقِيق الْقلب زَائِد الرأفة والشفقة كَرِيمًا جواداً مائلاً إِلَى الْخَيْر. وَبلغ من الْعُمر نَحْو الْعشْرين سنة مِنْهَا مُدَّة سلطته ثَلَاث سِنِين وشهرأن وَأحد عشر يَوْمًا. السُّلْطَان الْملك الْكَامِل سيف الدّين شعْبَان بن النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الألفي الصَّالِحِي لما اشْتَدَّ مرض أَخِيه شقيقه السلطاد الْملك الصَّالح عماد الدّين وَدخل عَلَيْهِ الْأَمِير أرغون العلائي فِي عدَّة من الْأُمَرَاء ليعهد بالسلطنة من بعده إِلَى أحد كَانَ الْأَمِير أرغون العلائي غَرَضه فِي أَن يعْهَد لشعبان من أجل أَن أمه كَانَت زَوجته. فَلم يحب الْأَمِير آل ملك النَّائِب وَجَمَاعَة من الْأُمَرَاء إِلَى الدُّخُول على السُّلْطَان الصَّالح إِسْمَاعِيل كَرَاهَة مِنْهُم فِي شعْبَان لما كَانَ قد اشْتهر عَنهُ من الْمَظَالِم. فقآل الصَّالح إِسْمَاعِيل بَعْدَمَا بَكَى وأبكى الْأُمَرَاء: سلمُوا على النَّائِب والأمراء وعرفوهم أَنى أَن مت يولوا أخي شعْبَان فَلَمَّا مَاتَ الصَّالح وَاقْتضى رأى الْأُمَرَاء أَن يعرفوا رأى المماليك السُّلْطَانِيَّة وَكَانَ جوابهم إِقَامَة شعْبَان حضر الْأُمَرَاء إِلَى بَاب الْقلَّة واستدعوا شعْبَان وأركبوه بشعار السلطنة وَمَشوا فِي ركابه والجاويشية تصيح على الْعَادة حَتَّى إِذا قرب من الإيوأن لعب ألفرس تَحْتَهُ وجفل من تصايح النَّاس فَنزل عَنهُ وَمَشى خطوَات بِسُرْعَة إِلَى أَن طلع الإيوأن فتفاءل النَّاس عَن فرسه أَنه لَا يُقيم فِي السلطة الا يَسِيرا. وَلما طلع السُّلْطَان شعْبَان الإيوأن والأمراء بَين يَدَيْهِ جلس على كرسى السلطنة وباس الْأُمَرَاء لَهُ الأَرْض وأحضروا الْمُصحف ليحلفوا فَحلف لَهُم أَولا أَنه لَا يؤذيهم ثمَّ حلفوا بعده وَذَلِكَ فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع ربيع الآخر سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>