للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّلْطَان وَقد سكر وكشف رَأسه وَقَالَ: إلهي أَعْطَيْتنِي الْملك ومكنتني من آل ملك وقمارى وَبَقِي العلائي والحجازي فمكنى مِنْهُمَا حَتَّى أبلغ غرضى فيهمَا فأقلقه ذَلِك. ثمَّ دخل الْأَمِير أرغون العلائي على السُّلْطَان فِي خلْوَة فَإِذا هُوَ متغير الْوَجْه مفكر. فبدره السُّلْطَان بِأَن قَالَ لَهُ: من جَاءَك من جِهَة إخوتي أَنْت والحجازي فَعرفهُ أَن النِّسَاء دخلن عَلَيْهِمَا وَطلبت أَن يكون السُّلْطَان طيب الخاطر على أَخَوَيْهِ ويؤمنهما فأنهما خائفان. فَرد عَلَيْهِ السُّلْطَان جَوَابا جَافيا وَوضع يَده فِي السَّيْف ليضربه بِهِ فَقَامَ عَنهُ لينجو بِنَفسِهِ. وَعرف الْأَمِير أرغون العلائي والأمير ملكتمر الْحِجَازِي بِمَا جرى لَهُ وشكا من فَسَاد السلطنة. فتوحش خاطر كل مِنْهُمَا وأنقطع العلائي عَن الْخدمَة وتعلل. وَأخذت المماليك أَيْضا فِي التنكرعلى السُّلْطَان وَكَاتب بَعضهم الْأَمِير يبلغَا اليحياوي نَائِب الشَّام وَاتَّفَقُوا بأجمعهم حَتَّى اشْتهر أَمرهم وتحدثت بِهِ الْعَامَّة وَوَافَقَهُمْ الْأَمِير قراسنقر. فألح السُّلْطَان فِي طلب أَخَوَيْهِ وَبعث قطلوبغا الكركي فِي جمَاعَة حَتَّى هجموا عَلَيْهِمَا لَيْلًا فَقَامَتْ النِّسَاء ومنعوهما مِنْهُم. فهم السُّلْطَان أَن يقوم بِنَفسِهِ حَتَّى يأخذهما فجيء بهما إِلَيْهِ وَقت الظّهْر من يَوْم السبت تَاسِع عشريه فَأدْخل بهما إِلَى مَوضِع ووكل بهما وَقَامَ العزاء فِي الدّور عَلَيْهِمَا. وهمت المماليك بالثورة وَالرُّكُوب للحرب. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل جُمَادَى الآخر: خرج الْأَمِير أرقطاى بِطَلَبِهِ حَتَّى وصل طلبه إِلَى بَاب زويله ووقف مَعَ الْأُمَرَاء فِي الموكب تَحت القلعة وَإِذا بِالنَّاسِ قد اضْطَرَبُوا. وَنزل الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي سائقاً يُرِيد إصطبله وَتَبعهُ الْأَمِير أرغون شاه أَيْضا إِلَى جِهَة إصطبله. وَسبب ذَلِك أَن السُّلْطَان جلس بالإيوان على الْعَادة وَقد بَيت مَعَ ثقاته الْقَبْض على الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي والأمير أرغون شاه إِذا دخلا وَكَانَا جالسين ينتظران الْإِذْن على الْعَادة. فَخرج طغيتمر الدوادار ليأذن لَهما فَأَشَارَ لَهما بِعَيْنِه أَن يذهبا وَكَانَ قد بلغهما التنكر عَلَيْهِمَا فقاما من فورهما وَنزلا إِلَى خيولهما فلبسا وسارا إِلَى قبَّة النَّصْر وَبعث الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي يَسْتَدْعِي آقسنقر من سرياقوس فَمَا تضحى النَّهَار حَتَّى اجْتمعت أطلاب الْأُمَرَاء بقبة النَّصْر. وَطلب السُّلْطَان الْأَمِير أرغون العلائي واستشاره فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَن يركب بِنَفسِهِ إِلَيْهِم فَركب وَمَعَهُ الْأَمِير أرغون العلائي وقطلوبغا الكركي وتمر الموساوي وعدة من المماليك. وَأمر السُّلْطَان فدقت الكوسات حَرْبِيّا ودارت النُّقَبَاء على أجناد الحلقه والمماليك ليركبوا فَركب بَعضهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>