للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع حمادى الآخر: وصل رَأس يلبغا اليحاوي. وَفِي وَفِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشره: قبض على غرلو وَقتل. وَسبب ذَلِك شدَّة كَرَاهَة الْأُمَرَاء أَرْبَاب الدولة لسوء أَثَره فيهم فَأَنَّهُ كَانَ يَخْلُو بالسلطان ويشر عَلَيْهِ بِمَا يمضيه فَلَا يُخَالِفهُ فِي شَيْء وَعَمله السُّلْطَان أَمِير سلَاح فَخرج عَن الْحَد فِي التعاظم وجسر السُّلْطَان على قتل الْأُمَرَاء وَقَامَ فِي حق الْأَمِير أرقطاى النَّائِب يُرِيد الْقَبْض عَلَيْهِ وَقَتله وَأخذ المماليك الناصرية والصالحية والكاملية بكمالهم واستمالهم لتجديد دولة مظفرية. وَقرر مَعَ السُّلْطَان أَن يُفَوض إِلَيْهِ أُمُور المملكة ليقوم عَنهُ بتديرها ويتوفر السُّلْطَان على لذاته. وأغراه أَيْضا بالجيبغا وطنيرق وهما أخص النَّاس بالسلطان حَتَّى تغير عَلَيْهِمَا. وَبلغ ذَلِك ألجيبغا وتناقله المماليك فتعصبوا عَلَيْهِ وراسلوا الْأُمَرَاء الْكِبَار حَتَّى حدثوا السُّلْطَان فِي أمره وخوفوه عاقبته فَلم يعبا السُّلْطَان بقَوْلهمْ فتنكروا بأجمعهم على السُّلْطَان وصاروا إلباً عَلَيْهِ بِسَبَب غرلو إِلَى أَن بلغه ذَلِك عَنْهُم من بعض ثقاته. فَاسْتَشَارَ الْأَمِير أرقطاى النَّائِب فِي أَمر غرلو وعرفه مَا يخَاف من غائلته فَلم يشر عَلَيْهِ بِشَيْء وَقَالَ لَهُ: لَعَلَّ الرجل قد كثرت حساده على تقريب السُّلْطَان لَهُ والمصلحة التثبت فِي أمره كَانَ الْأَمِير أرقطاي النَّائِب عَاقِلا سيوسا يخْشَى من مُعَارضَة غَرَض السُّلْطَان فِيهِ. فاجتهد ألجيبغا وعدة من الخاصكية فِي التَّدْبِير على غرلو وتخويف السُّلْطَان مِنْهُ وَمن عواقبه حَتَّى أثر قَوْلهم فِي نَفسه. وَأَقَامُوا أَحْمد شاد الشرابخاناه - وَكَانَ مزاحا - للوقيعة فِيهِ فَأخذ فِي خلوته مَعَ السُّلْطَان بِذكر كَرَاهَة الْأُمَرَاء لغرلو وموافقة المماليك لَهُم وَأَنه يُرِيد أَن يدبر الدولة وَيكون نَائِب السُّلْطَان وليتوثب بذلك على المملكة وَيصير سُلْطَانا وَيخرج قَوْله هَذَا فِي صُورَة السخرية والضحك. وَبَالغ فِي ذَلِك على عدَّة فنون من الهزؤ إِلَى أَن قَالَ: وَإِن خلاه السُّلْطَان رحنا كلنا الحبوسات من بعده فانفعل السُّلْطَان لكَلَامه وَقَالَ: أَنا السَّاعَة أخرجه وأعمله أَمِير آخور ثمَّ مضى أَحْمد إِلَى الْأَمِير أرقطاى النَّائِب وعرفه مَا كَانَ مِنْهُ وَمَا قَالَه السُّلْطَان وجسره على الوقيعة فِي غرلو. فَاسْتَشَارَ السُّلْطَان الْأَمِير أرقطاى النَّائِب فِي غرلو ثَانِيًا فَأثْنى عَلَيْهِ وشكره فَعرفهُ وُقُوع الخاصكية فِيهِ وَأَنه قصد أَن يعمله أَمِير آخور فَقَالَ أرقطاي غرلو شُجَاع جسور لَا يَلِيق أَن يكون أَمِير آخور فَكَأَنَّهُ أيقظ السُّلْطَان من رقدته وَأخذ مَعَه فِيمَا يوليه فَأَشَارَ بولايته غَزَّة فَقبل السُّلْطَان ذَلِك وَقَامَ عَنهُ فاصبح السُّلْطَان بكرَة يَوْم الْجُمُعَة وَقد بعث طنيرق إِلَى الْأَمِير أرقطاى النَّائِب بِأَن يخرج غرلو إِلَى غَزَّة. فَلم يكن غير قَلِيل حَتَّى طلع غرلو على عَادَته إِلَى القلعة وَجلسَ على بَاب الْقلَّة فَبعث الْأَمِير أرقطاي النَّائِب بِطَلَبِهِ فَقَالَ: مَالِي عِنْد النَّائِب شغل وَمَا لأحد معي حَدِيث غير

<<  <  ج: ص:  >  >>