وَفِي أول شهر بيع الأول: قدم التَّاج عبد الْوَهَّاب بن السُّبْكِيّ قَاضِي دمشق إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ عَاد فِي عَاشر جُمَادَى الآخر إِلَى مَحل ولَايَته بِدِمَشْق. وَقدم الْخَبَر بغلاء الأسعار بِمَكَّة حَتَّى بِيعَتْ الغرارة الْقَمْح - وَهِي مائَة قدح مصري - بأربعمائة دِرْهَم وَثَمَانِينَ درهما وَعز وجود الأقوات بهَا فَهَلَك جمَاعَة كَثِيرَة جوعا وَنزع أَكثر أَهلهَا عَنْهَا فَجهز الْأَمِير يلبغا الأتابك فِي جُمَادَى الأولى إِلَى مَكَّة ألفي أردب قمحاً وواصل الْإِرْسَال حَتَّى حمل من مصر إِلَيْهَا اثْنَي عشر ألف أردب. فرقت كلهَا فِي النَّاس فَعم النَّفْع بهَا. وَكتب مرسوم بِإِسْقَاط مَا يُؤْخَذ من مكس الْحَاج بِمَكَّة فِيمَا يحمل إِلَيْهَا من البضائع خلا مكس الكارم تجار الْيمن ومكس الْخَيل ومكس تجار الْعرَاق وَعوض أَمِير مَكَّة عَن ذَلِك إقطاعاً. بِمصْر وَحمل إِلَيْهِ مبلغ أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم فضَّة عَنْهَا يَوْمئِذٍ نَحْو الألفي مِثْقَال ذَهَبا. واستقو آل ملك السيفي فِي ولَايَة الشرقية. وفخر الدّين عُثْمَان الشوفي ولَايَة البهنسا عوضا عَن الشهَاب أَحْمد بن جميل. وَاسْتقر ابْن جميل فِي ولَايَة الأشمونين. وَاسْتقر شمس الدّين بن الديناري فِي ولَايَة الفيوم عوضا عَن عَلَاء الدّين الْعمريّ. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سادس عشر جُمَادَى الْآخِرَة: عدى قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين بن جمَاعَة النّيل إِلَى بر الجيزة وَقد خيم بهَا السُّلْطَان على الْعَادة بكوم برا وَسَأَلَ الْأَمِير يلبغا فِي إعفائه من الْقَضَاء وَتشفع إِلَيْهِ بمصحف مَعَه وعزل نَفسه. وَقَامَ وَقد أقرّ الْأَمِير يلبغا نواب الحكم على حَالهم. فَلَمَّا عدى السُّلْطَان النّيل وَصعد القلعة فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشره وَجه الْأَمِير يلبغا بالأمير جرجي أَمِير آخور إِلَى ابْن جمَاعَة يدْخل عَلَيْهِ فِي عوده إِلَى وَظِيفَة الْقَضَاء فَامْتنعَ غَايَة الِامْتِنَاع. فَبعث إِلَيْهِ بكاتب السِّرّ عَلَاء الدّين عَليّ بن فضل الله فَلم يجبهُ أَيْضا. فَركب الْأَمِير يلبغا بِنَفسِهِ فِي يَوْم السبت حادي عشرينه وَأَتَاهُ إِلَى منزله بالجامع الْأَقْمَر وألح فِي سُؤَاله وَهُوَ يمْتَنع. فَلَمَّا أيس مِنْهُ سَأَلَهُ أَن يعين من يصلح فَأَشَارَ بِولَايَة أبي الْبَقَاء ثمَّ صلى وَرَاءه الْمغرب وَانْصَرف. فاستدعى فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث عشرينه بِأبي الْبَقَاء وفوض إِلَيْهِ السُّلْطَان قَضَاء الْقُضَاة عوضا عَن ابْن جمَاعَة وخلع عَلَيْهِ وأضاف إِلَيْهِ نظر وقف الْأَشْرَاف وخلع مَعَه على بهاء الدّين أَحْمد بن السُّبْكِيّ وَاسْتقر فِي قَضَاء الْعَسْكَر عوضا عَن أَبى الْبَقَاء. وخلع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute