برمودة حَتَّى صَار فِيمَا بَين المقياس والجيزة بِغَيْر مَاء وَتغَير طعم المَاء وريحه وَكَانَ القاع ذراعين وَأخذ يزِيد زِيَادَة ضَعِيفَة إِلَى سادس عشر مسرى فَزَاد إصبعاً ثمَّ وقف ثمَّ زَاد زِيَادَة قَوِيَّة أَكْثَرهَا ذِرَاع حَتَّى بلغ خَمْسَة عشر ذِرَاعا وَسِتَّة عشرَة إصبعاً ثمَّ انحط من يَوْمه فَلم ينْتَفع بِهِ وَكَانَ النَّاس قد فنوا بِحَيْثُ بَقِي من أهل الْقرْيَة الَّذين كَانُوا خَمْسمِائَة نفر إِمَّا نفران أَو ثَلَاثَة فَلم تَجِد الجسور من يقوم بهَا وَلَا الْقرى من يعْمل مصالحها وعدمت الأبقار بِحَيْثُ بيع الرَّأْس بسبعين دِينَارا والهزيل بستين دِينَارا. وجافت الطرقات بِمصْر والقاهرة وقراهما ثمَّ أكلت الدودة مَا زرع فَلم يُوجد من التقاوى وَلَا من الْعقر مَا يُمكن بِهِ رده. وَدخلت سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَالنَّاس تَأْكُل الْأَطْفَال وَقد صَار أكلهم طبعا وَعَادَة وضجر الْحُكَّام من تأديبهم وأبيع الْقَمْح - إِن وجد - بِثمَانِيَة دَنَانِير الأردب وَالشعِير والفول بِسِتَّة دَنَانِير وَعدم الدَّجَاج من أَرض مصر فجلبه رجل من الشَّام وَبَاعَ كل فروج بِمِائَة دِرْهَم وكل بيضتين بدرهم. هَذَا وَجَمِيع الأفران إِنَّمَا تقد بأخشاب المساكن حَتَّى دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وَكَانَ كثير من المساتير يخرجُون لَيْلًا وَيَأْخُذُونَ أخشاب الدّور الخالية ويبيعونها نَهَارا وَكَانَت أَزِقَّة الْقَاهِرَة ومصر لَا يُوجد بهَا إِلَّا مسَاكِن قَليلَة وَلم يبْق بِمصْر عَامر إِلَّا شط النّيل وَكَانَت أهل الْقرى تخرج للحرث فَيَمُوت الرجل وَهُوَ ماسك المحراث. وفى هَذِه السّنة: قدم غُلَام سنه نَحْو عشر سِنِين - من عرب الحوف بالشرقية - إِلَى الْقَاهِرَة أسمر حُلْو السمرَة على بَطْنه خطوط بيض ناصعة الْبيَاض مُتَسَاوِيَة الْقِسْمَة من أَعْلَاهُ إِلَى أَسْفَله كأحسن مَا يكون من الخطوط. وفيهَا مَاتَ الْأَمِير بهاء الدّين قراقوش الْأَسدي فى غرَّة شهر رَجَب بِالْقَاهِرَةِ وَدفن بسفح المقطم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute