سنة إِحْدَى وسِتمِائَة فِيهَا تمّ الصُّلْح بَين الْملك الْعَادِل وبن الفرنج وتقررت الْهُدْنَة مُدَّة وشرطوا أَن تكون يافا لَهُم مَعَ مناصفات لد والرملة فأجابهم الْعَادِل إِلَى ذَلِك وَتَفَرَّقَتْ العساكر وَسَار الْعَادِل إِلَى الْقَاهِرَة فَنزل بدار الوزارة وَاسْتمرّ ابْنه الْكَامِل بقلعة الْجَبَل وَشرع فى تَرْتِيب أُمُور مصر. وفيهَا ورد الْخَبَر بِأَن الفرنج أخذُوا الْقُسْطَنْطِينِيَّة من الرّوم. وفيهَا غارت الفرنج الإسبتارية على حماة فى جمع كَبِير لِأَن هدنتهم انْقَضتْ فَقتلُوا ونهبوا ثمَّ عَادوا. وفيهَا قدم الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماة على عَمه الْملك الْعَادِل بِالْقَاهِرَةِ فسر بِهِ وأكرمه ثمَّ رَجَعَ بعد أَيَّام. وفيهَا أغار الفرنج على حمص وَقتلُوا وأسروا فَخرج الْعَادِل من الْقَاهِرَة إِلَى بركَة الْجب ثمَّ عَاد. وفيهَا أغار فرنج طرابلس على جبلة واللاذقية وَقتلُوا عدَّة من الْمُسلمين وغنموا وَسبوا شَيْئا كثيرا. وفيهَا أَخذ الصاحب صفي الدّين عبد الله بن شكر يغرى الْملك الْعَادِل بِأبي مُحَمَّد مُخْتَار بن أبي مُحَمَّد بن مُخْتَار الْمَعْرُوف بِابْن قاضى دَارا وَزِير الْملك الْكَامِل حَتَّى نقم عَلَيْهِ وَطَلَبه فخاف عَلَيْهِ الْكَامِل وَأخرجه من مصر - وَمَعَهُ ابناه فَخر الدّين وشهاب الدّين - إِلَى حلب فأكرمهم الْملك الظَّاهِر ثمَّ ورد عَلَيْهِ من الْكَامِل كتاب يستدعيه إِلَى مصر فَخرج وَنزل بِعَين الْمُبَارَكَة ظَاهر حلب. فَلَمَّا كَانَ فى لَيْلَة الرَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة: أحَاط بِهِ - نَحْو الْخمسين فَارِسًا فِي أثْنَاء اللَّيْل وأيقظهوه وقتلوه ثمَّ قَالُوا لِغِلْمَانِهِ: احْفَظُوا أَمْوَالكُم فَمَا كَانَ لنا غَرَض سواهُ. فَبلغ ذَلِك الظَّاهِر فارتاع لَهُ وَركب بِنَفسِهِ حَتَّى شَاهده وَبعث الرِّجَال فى سَائِر الطرقات فَلم يقف لقَتله على خبر فَكَانَت هَذِه الْقَضِيَّة من أعجب مَا سمع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute